- Home
- Media Center
University Journal
بقلم/ دكتورة وهيبة فارع
عندما تسيل الدماء البريئة يلتقي الناس جميعاً في صحوة لا يتأخر عنها أحد، عنوانها نبذ العنف ورفض الانتحار بالناس ورفض الحوار بالرصاص والسيوف واغتيال الأبرياء دون ذنب اقترفوه. فالتغيير سنة الله في الأرض شئنا أم أبينا، أما الفوضى فستظل هي الأعم المرفوض في أي تغيير، واغتيال الأحلام والأرواح والتفريط في الأمانات بدم بارد مرفوض في أي ثقافة، أي كان الخلاف بين مؤيد ومعارض. التسابق على تحميل الفريق الآخر بالمكايد واتهامه مرفوض... لأننا من بكى الدماء التي سالت، ولأن الأرواح التي أُزهقت هي أرواح فلذات أكبادنا.
ضحايا المذبحة.. الحالمون بمستقبل أفضل
لقد كان ضحايا المذبحة من الأبرياء الحالمين بمستقبل أفضل، ضحايا أنكرت عليهم الأحلام فانطلقوا يقيسون التغيير بمقاسات أحلامهم الصغيرة وأمنياتهم الكبيرة لغد يشاركون في صنعه، حتى ولو كان مجرد أمنيات يصعب تحقيقها. من هنا، كان اغتيال أحلامهم جريمة. وأما نثر دماءهم وقتلهم على هذا النحو، فقد كان فاحشة بكل لغات الأرض.
بعضهم لم يرتكب جريمة، بل إن وجود بعضهم في المكان كان محض صدفة لا أكثر.
الحوار.. الحل الغائب
الآن، وقد تأخر الوقت للحديث عن الأسباب وذرف الدموع وشق الصدور، نتساءل: هل كان بالإمكان التقاط هذه الخيوط من عقلاء الأمة لحوار جاد مع الآخر ومع النفس؟ في تصوري، نعم! كان يمكن اختيار التغيير وسيلة وهدف من داخل النظام ذاته لتحقيق تطلعات الشباب، بإحداث ثورة حقيقية داخل الثورة والجمهورية لإتاحة الفرص المتكافئة بين الناس في العيش الكريم، واحترام حقوق الإنسان، وتحقيق العدالة بحجم أحلام الناس واتساع مداركهم.
الأهم من ذلك، كان يمكن فتح قنوات الحوار مع الشباب الذين لم يجدوا أمامهم ملاذاً إلا الشارع وحده، بفتاويه الأقرب إليهم مما قدمه لهم ضعاف المسؤولين في حكومة غائبة لم تجد سوى الهروب من مسؤولياتها، ولكن بعد خراب مالطا.
فقدان الثقة في الحاضر
فما هو الحل في ظل عدم قبول وضع لم يصل إليه الناس إلا لأنهم فقدوا الثقة بالحاضر وأصبحوا وحدهم أمام رغبات كل من يمنيهم بتحقيق أحلامهم، ولو خرب النظام وعمت الفوضى في المجتمع؟
لقد أصبحوا مع أمانيهم أمام بائعي الأوهام في ظل عجز الإدارة وفسادها في كل مرفق، خصوصاً الأمني والقضائي. وفي ظل حضور المنجمين المتحذلقين، والمترصدين لأحلام الناس بما فيها من شرعية واستحقاق، يتكالبون على صناع القرار من أجل مصالحهم، ويتسلقون أحلام الشباب المحبط، وهم يستلمون رواتبهم جهاراً نهاراً من سفارات أجنبية.
يتحدثون عن الوطن الذي أحلوا بيعه في وضح النهار، ويتحولون فجأة إلى ناصحين ومناضلين مقهورين، بينما أدمت أقلامهم الوطن.
التغيير السلمي هو الحل
لهذا نجد أنفسنا هنا مع الراغبين في التغيير السلمي حتى لا تتوزع دماء الأبرياء منا بين حق وباطل. فالرصاصات التي وُجهت إلى الصدور لا تنم إلا عن روح متعطشة للدماء، أي كانت دوافعها.
نطالب بكشف فاعلها ومعاقبته دون تأخير، وتحميل كل من حمل المسؤولية وتغاضى عن هذا الفعل الشنيع أقصى درجات العقوبة ليكون عبرة لمن اعتبر.
دعوة إلى نبذ العنف
ندعو أبناءنا إلى الابتعاد عن العنف، أي كان مصدره، وعدم توعد الناس بالويل والثبور. كما نحثهم على المحافظة على أعراض أهاليهم وبيوتهم حتى لا تكون ذريعة في أذيتهم.
فلعل الله يعز بهم هامات الوطن ويجنب بلادهم الفتن ما ظهر منها وما بطن.
إلى جنة الخلد
إلى جنة الخلد، يا كل شهيد... ستبقى ذكراكم نبراسًا يُضيء لنا طريق الحرية والسلام.
المصدر: رؤئ: سياسة