- Home
- Media Center
University Journal
عندما نظر الأعداء إلى جيريمي رينر في فيلم Mission: Impossible - Ghost Protocol، ظنوا أن رمشه المتكرر بعينيه جاء بسبب التوتر أو الخوف، حتى تسرب الشك إليهم أخيراً. لكن الحقيقة أن العدسات اللاصقة الذكية في عينيه قامت بتصوير الأكواد النووية، لترسلها على الفور، وتقلب موازين اللعبة تماماً.
في Mission: Impossible – Ghost Protocol لم تعد المهمة “مستحيلة” بفضل كاميرا العدسات اللاصقة، والتي تحولت إلى حقيقة مدهشة مؤخراً.
كيف “تلعب” الكاميرات الخفية في أخطر مناطق العالم؟
في العام 2011، قرر شاب مصري اسمه مهند أن يكشف ما يحدث في الاحتجاجات عبر كاميرات خفية بعد استيلاء البلطجية على كاميرته، كانت مرةً في ساعة وأخرى في ميدالية، ليستطيع عبر هذا الأسلوب أن يكون أرشيفاً بحقيقة الأشخاص الذين سماهم الإعلام “المواطنين الشرفاء” أو “الأهالي” لم يخرج للنور إلا في العام 2014، عندما عرضته قناة “الجزيرة” في فيلم حقق مشاهدات عالية تحت اسم “المندس”.
هناك أماكن في العالم “يعني فيها رفع هاتف للتصوير: أنك ميت” كما يقول الإسرائيلي اورين يعقوبوفيتش الذي سُجن بسبب رفضه إكمال الخدمة العسكرية في الضفة الغربية، ليخرج وقد انضم إلى المنظمة الحقوقية “بيتسليم”، ويوزع مع فريقه كاميرات على 100 عائلة فلسطينية تسكن في أكثر النقاط خطورةً، مثل المناطق القريبة من الحواجز أو القريبة من ثكنات الجيش أو المستوطنين.
يعقوبوفيتش قام بعرض مثالين على الفيديوهات الملتقطة في شاشة مؤتمر TED أمام الجمهور، وثق الأول هجوم المستوطنين على عائلةٍ فلسطينيةٍ رفضت ترك أرضها، والآخر يعرض لحظة إصابة شاب فلسطيني في تظاهرات أمام الاحتلال برصاصة مطاطية في قدمه وسقوطه على الأرض.
يعقوبوفيتش الذي يعمل الآن في منظمة حقوقية توزع الكاميرات الخفية على المواطنين في الأماكن التي تتعرض للاضطهاد، رفض أن يقول هيئة الكاميرات الخفية الحالية التي يستخدمونها حالياً، لكنه عرض على المشاهدين تجربة امرأة أفريقية قامت بزرع الكاميرا في زر فستانها، قائلاً إنها أجبرت السلطات لديها على التقليل من العنف بسبب انكشافهم، منقذة مئات الأرواح، مضيفاً إن هذا يمنح الفرصة للأشخاص الذين يعانون كي يحكوا قصصهم بأنفسهم، وليس عن طريق صحفيين أو صانعي أفلام يأتون من خارج الموقف، وكما يقول المثل “أن ترى، هو أن تصدق”، لكن ثمن اكتشاف ذلك يكون غالياً، في الآونة الأخيرة خرجت فيديوهات لـ “داعش” وهي تذبح ناشطين في حملة “الرقة تذبح بصمت”، لا لشيء إلا بسبب التصوير.
هل كاميرا العين هي اللاعب القادم؟
شركة Sony أثارت الجلبة مؤخراً بعد أن تقدمت بطلب براءة اختراع لعدسات لاصقة في العين تقوم بالتقاط الفيديو، لكنها لم تكن الأولى فقد انضمت إلى Google وSamsung اللتان تقدمتا أيضاً ببراءة اختراع لعدسات مماثلة، وهو الشيء الذي يؤكد لنا أن مسألة ظهور مثل هذه العدسات الذكية، مجرد مسألة وقت.
بالتأكيد ستعتقد أن شركة Samsung سددت لشركة Sony لكمة في الوجه، عندما سبقتها بالإعلان عن عدساتها التصويرية الذكية منذ 3 أسابيع، لكنك ستغير رأيك عندما تعلم أن عدسات شركة Sony لديها قدرة تخزينية في داخلها، أما Samsung فإن الفيديو الذي تقوم بتصويره يتم إرساله مباشرة إلى وحدة تخزين خارجية، مثل الهاتف الذكي الخاص بك.
لكن مع عدسات Sony تستطيع الوصول بسهولة لفيديوهاتك، وتسترجعها أمام عينيك متى تشاء تذكر أو رؤية شئ معين، الاستخدام الذي يتوجه إليه فكر سكان الدول المضطهدة مباشرة، والتي تنتهك فيها حقوق الإنسان كل يوم، هو استخدامها في اللعبة الصعبة، كشف الحقيقة.
كيف تعمل كاميرا العدسات الذكية؟
براءة الاختراع التي قدمتها شركة Sony تقول إن عدساتها الذكية تستطيع التمييز بين رمشة العين الطبيعية وبين الأخرى المتعمدة، لتبدأ التسجيل أو توقفه، الكيفية التي يوضحها الملف تقول إن الوقت المعروف للرمش يبلغ من 0.2 إلى 0.4 ثانية، لذلك، فعندما يتجاوز وقت رمشة العين ما يزيد على 0.5 ثانية، تعرف العدسة الذكية أن هذه الرمشة مقصودة.
الكيفية التي تستشعر بها العدسات ذلك تعود إلى أجهزة استشعار كهروضغطية بالغة الضآلة تدمج في العدسات، تستطيع قياس التغيرات في الضغط أو التسارع، الحرارة أو القوة، ثم تقوم بتحويلها إلى شحنة كهربائية، هذه المستشعرات تستطيع قراءة حركة عين مستخدمها وبدء التسجيل. لكن، من أين تستمد الطاقة؟ السؤال يطرح نفسه خاصة مع معاناتك كل يوم من نفاد بطارية هاتفك في اللحظة التي تود فيها أن تلتقط صورة أو فيديو، لكن هذه العدسة الذكية تستمد طاقتها التي تساعدها على إكمال التسجيل من عملية بسيطة تعرف باسم "الحث الكهرومغناطيسي"، حيث يتم الحصول على تيار كهربي عبر موصل كهربي واقع في حقل مغناطيسي.
ليس هذا فحسب، لكن الكاميرا أيضاً تستطيع ضبط ميل عين مرتديها، بسبب مستشعرات الميل الخاصة بها، أو تقوم بعمل ضبط تلقائي للصورة أو تثبت الصورة عندما تصبح مشوشة.
ما هي “المهمة المستحيلة” التي لن تعود كذلك؟
إننا نقول دائماً، لقد كان “يسجل الحقيقة بعينيه”، لكننا سنبدأ في قولها بعد ذلك حرفياً وليس مجازاً، كدولٍ فيها خوف من الصورة، فإن أول “مهمة مستحيلة” نفكر فيها بذكر العدسات اللاصقة، تخيلنا لرجل يختبئ خلف دور بائع خضار أو حلوى غزل البنات أو شحاذ، أو حتى مجرد مارِ عادي في الشارع، وهو يسجل بعينيه بهدوء ما يحدث، من فساد أو اشتباك أو تعذيب.
تخيل أن تعيد شريط موقف أمام القاضي كي يراه بنفسه، أو أمام الجمهور، أو على وسائل الإعلام، لكن هناك أدواراً مدنية ومسالمة أخرى، تخيل أن تكون قادراً على رؤية مواقف مع والدتك المتوفاة أو والدك حين يستبد بك الحنين، أو تتذكر مواقف مع أطفالك أو أصدقائك قبل أن تسافر، صحيح أن كل العدسات الذكية التصويرية ما تزال في طور النظرية، سواءاً تلك التي تعود لـ Google أو Samsung أو Sony، بمعنى أن الوقت ما يزال مبكراً على انتظارها، لكن الخبراء التقنيين يقولون إن هناك دليلاً على كون هذه الشركات ظلت تفكر في هذه التكنولوجيا لمدة سنوات من الآن، لهذا لن تتنازل عنها ببساطة، كيف ستغير الحياة؟ بالتأكيد بشكل كافٍ يجعلنا نشعر فجأة أننا أصبحنا نسكن في فيلم خيال علمي.