- Home
- Media Center
University Journal
تزخر سلطنة عمان بالعديد من المتاحف المتوزعة في مناطق مختلف من محافظة مسقط وبقية المحافظات، وتتنوع أحجام ومقتنيات هذه المتاحف وتواريخ إنشائها، وخلافا للمتحف الوطني الذي يعد الأبرز والأحدث توجد المتاحف الصغيرة والمتخصصة كالمتحف العُماني الفرنسي الذي يقع في مدينة مسقط على مقربة من قصر العلم العامر، ويضم مجموعة من التحف الأثرية والحرف التقليدية ومواد ثقافية تتعلق بالروابط التاريخية بين السلطنة وجمهورية فرنسا.
وكان المتحف في السابق معروفًا ببيت فرنسا، وتأتي تسمية هذا المبنى بهذا الاسم منذ أن كان مقرا للقنصلية الفرنسية ما بين عام 1896 إلى 1920م، وبقي مقرا للقنصلية ومسكنا للقناصل الفرنسيين حتى عام 1920م، حيث جاء إنشاء هذا المتحف لإحياء العلاقات العمانية الفرنسية التي يزيد عمرها عن أكثر من قرن.
ويعد المتحف العُماني الفرنسي بيتا مسقطيا تقليديا مربع الشكل ومبنيا بالحجارة وبلاط الجص، في وسطه باحة مربعة صغيرة يحف بها رواق من خشب التك، تفتح عليه جميع الغرف المرتفعة السقف والموزعة على طابقين، الطابق الأرضي يحوي أربع قاعات، والطابق الأول يحوي خمس قاعات، مقام بأحد المنازل الأثرية الذي يبلغ عمره حوالي 170 سنة، وقد شيدته السيدة غالية بنت سالم البوسعيدي وهي أخت السلطان سعيد بن سلطان، وله ارتفاع متوسط.
وتضم قاعاته في طياتها ثراءً متنوعاً نابعًا من المقتنيات المعروضة، تمكّن الزائر من التجوال بين رحاب المتحف بشكل انتقائي، فمبنى المتحف بأبوابه وأروقته وقاعاته يتيح الكثير من الخيارات حيث يمكّن الزائر من الدخول إلى المتحف عن طريق باب جانبي صغير، حتى يصل إلى مكتب الاستقبال، ويحتوي المتحف على قاعات متصلة ببعضها البعض.
ومن بين المتاحف أيضًا متحف الطفل وهو مؤسسة ثقافية تعنى بتبسيط العلوم والتكنولوجيا، حيث يحوي معروضات علمية في مجالات مختلفة كالكيمياء والفيزياء والأحياء، والهندسة والفلك والكون وغيرها من المجالات، ويستطيع الزائر من خلال تلك المعروضات معرفة الكثير من المعلومات والنظريات العلمية في جو من التسلية حيث يستطيع لمس وتشغيل تلك الأجهزة.
ويهدف المتحف إلى تنمية حب الاستكشاف والمعرفة لدى الأطفال ودفعهم لمحاولة فهم ما يحيط بهم لجعلهم يفهمون المادة العلمية بطريقة مختلفة تساعدهم في تفتيح مداركهم، كما يسعى المتحف في خطته السنوية لاستقطاب الكثير من الفعاليات والأنشطة المختلفة التي تستهدف زوار المتحف لتحقيق رسالة المتحف السامية كونه إحدى الوسائل المعنية بالثقافة والعلوم.
ويجري المتحف حاليا بلورة خطة التطوير وذلك نظرًا لتطور وسائل التفسير والتعليم إلى جانب التقنية، حيث تم مؤخرًا إقرار الدراسة الاستشارية لتطوير وإعادة تأهيل متحف الطفل بهدف نشر المعارف في العلوم والتكنولوجيا، وعرض الاختراعات الحديثة، وتوصيل المعلومة العلمية بطريقة مبسطة وسهلة للطفل مما يتيح له الاستيعاب، إلى جانب محاكاة وتعزيز الروح الإبداعية.
وأيضا هناك متحف التاريخ الطبيعي الذي تم افتتاحه في 30 ديسمبر 1985م، ويقع في وزارة التراث والثقافة بحي الوزارات في منطقة الخوير، ويُعنى المتحف بالتباين في معالم البيئة العمانية من خلال عروض التضاريس، والجيولوجيا، والنباتات، والحشرات، والحيوانات البرية والبحرية، وعلى الرغم من صغر مساحة المتحف إلا أنه يزخر بكم كبير من الحقائق التي يصعب على الكتب أن تحتويها أو تتضمنها، كما يضم المتحف حيوانات محنطة موجودة بندرة في البراري من أنواع وفصائل تعيش في أرض عُمان، وهياكل عظمية لكائنات بحرية وطيور وزواحف عاشت في البيئة العمانية وماتت بصورة طبيعية، وكذلك يستقطب المتحف عددا من الزوار من مختلف الأعمار والجنسيات وطلاب المدارس الحكومية والخاصة وطلاب الجامعات والكليات.
وكانت وزارة التراث والثقافة قد انتهت من إعداد المخطط العام لمشروع تطوير متحف التاريخ الطبيعي الحالي من خلال إنشاء النسخة الجديدة من المتحف الذي من بين الأهداف الأساسية له أن يكون مقصدا رئيسياً للاستكشاف والتعليم والاطلاع على التُراث والتاريخ الطبيعي، إلى جانب إبراز الخبرة العُمانية المكتسبة خلال آلاف السنين في التعامل مع الطبيعة.
وإلى جانب توثيق صلة المواطن بهذا التُراث من خلال مجموعة من البرامج في مجال إدارة المقتنيات وإقامة برامج وفعاليات منتظمة، والإسهام في تعزيز وفتح مجالات جديدة في مجال البحث العلمي والتعليم والتواصل والتوعية مع مختلف شرائح المجتمع، وأن يكون المتحف مزارًا سياحيًا يعزز المنظومة السياحية الداخلية والخارجية، كما يضم متحف التاريخ الطبيعي خمس مجموعات علمية أساسية للحفظ والأرشفة والدراسات العلمية وهي المستحفظ الوطني للأعشاب والنباتات العمانية.
ويضم المستحفظ أكثر من 813.13 ألف عينة يتم حفظها بطريقة التجفيف أو بمادة الكحول لأغراض الدراسة والأرشفة والمجموعة الوطنية للحشرات، والمجموعة الوطنية للأصداف تضم أكثر من 7044 ألف عينة من الرخويات الحلزونية والرخويات ذات الأصداف، محفوظة بطريقة التجفيف، والمجموعة الوطنية للهياكل العظمية تضم أكثر من 3001 عينة من عظام الفقاريات مثل الثدييات البرية، والطيور، والثدييات البحرية (الحيتان والدلافين)، والبرمائيات (السلاحف) ومجموعة من العينات الأخرى اللافقارية، التي يتم حفظها بطريقة التجفيف أو بمادة الكحول أو التبريد، والمجموعة الوطنية للأحافير تضم ما يقارب 851 من الأحافير التي يعود تاريخها إلى عصور جيولوجية مختلفة، تم تجميعها من مختلف مناطق السلطنة، كما تضم عددا من التكوينات الأحفورية مثل حجر الجيود، والصوان، ووردة الصحراء.
أما المتاحف وبيوت التراث الخاصة فهي تجارب فردية يحاول أصحابها من خلالها عرض العديد من المقتنيات والآثار وكنوز التراث الشعبي والوطني، كما أنها منظومة تسعى لحفظ هذا الموروث ليتسنى للأجيال القادمة معرفة مظاهر الحضارة والهوية التراثية الوطنية للدولة وعددها في السلطنة قرابة (20) متحفا تم منح الترخيص النهائي لـ(9) متاحف، تقع في مختلف المحافظات.
ومن أهم المتاحف وبيوت التراث الخاصة متحف بيت الزبير ويقع في ولاية مسقط – محافظة مسقط، ويعرض مقتنيات عُمانية، ومجموعة من الأسلحة التقليدية والمجوهرات والملابس والأدوات المنزلية القديمة، وبعض النماذج التي تمثل البيئة العمانية الريفية والحضرية.
وفتح المتحف بوابته الخشبية المزخرفة لترحب بزواره في عام 1998، ويعد أحد الرموز المعمارية حيث تشرّف في عام 1999 بالحصول على جائزة السلطان قابوس للتميز المعماري، وكانت تلك المرة الأولى التي تمنح فيها هذه الجائزة، ويضم بيت الزبير خمسة مبان مستقلة، وهي: بيت الباغ، وبيت الدلاليل، وبيت العود، وبيت النهضة، وجاليري سارة، بالإضافة إلى الحديقة التي تحتوي على عدد من الملامح التقليدية العُمانية وكذلك مقهى ومحل لبيع الهدايا.
ومتحف بيت آدم يقع في مدينة السلطان قابوس-محافظة مسقط، ويعرض مجموعة من العملات النقدية إلى جانب مجموعة مميزة من القطع والتحف والحلي والأسلحة القديمة والوثائق والمخطوطات الأصلية، وقد افتتح أبوابه رسمياً عام 2013م ومنذ ذلك الحين وهو يستقطب جمعا من الزوار والسياح لما يتمتع به من عناصر جذب، ويتكون المتحف من عدة قاعات أهمها القاعة الرئيسية، وقد صممت بطريقة جاذبة ومشوقة، وهناك قاعة أخرى تضم مجموعة من الخناجر، وأخرى تحوي مكتبة بها الكثير من الكتب والوثائق وهناك ركن يعُرَض فيه مجموعة من الصور واللوحات، إضافة إلى عملات ومسكوكات وطوابع، أما متحف بدية فيقع بالقرب من حصن المنترب بولاية بدية -محافظة الشرقية، وقد صمم مبنى المتحف محاكاة للطابع المعماري العماني القديم حيث شُيّد بالحجارة .
ويضم المتحف بين جنباته مجموعة من المقتنيات الأثرية والتراثية من أسلحة وعملات وحِرف وأزياء وغيرها تحكي تاريخ ولاية بدية بشكل خاص والسلطنة بشكل عام، وأهم ما يميزه هو عرض لنماذج عدة من أنواع الخناجر العمانية بتباين أشكالها واختلاف سماتها وما تنفرد به كل منطقة من مناطق السلطنة عن الأخرى، فيما يقع متحف المكان والناس في مدينة مطرح بمحافظة مسقط، وهو عبارة عن مجموعة من البيوت القديمة التي تُجسد ملامح العمارة العمانية القديمة، كذلك يُمثل هذا المتحف نمط حياة الإنسان العماني في المدة من 1950- 1975م، وذلك في سعيه لاكتساب المعارف والفنون والصناعات مع محاولة العيش والتكيف معها، وافتتح المتحف عام 2013م، ومن أهم مقتنياته أثاث منزلي وطاولات وكراسٍ يعود بعضها إلى قرن من الزمن، وكذلك مقتنيات نادرة من بُسُط وأسرَّة ومجموعة من الصور الفوتوغرافية النادرة وكذلك الحلي والفضيات ومجموعة الأزياء العمانية وغير العمانية والأدوات النحاسية وغير ذلك الكثير، والمتحف لا يتحدث عما خلفه الإنسان العماني عبر العصور من تراث وثقافة فحسب، وإنما يتناول أيضًا قصة الإنسان العماني ذاته وكيفية تأقلمه وتعايشه مع العالم الحديث ومستجداته مع تمسكه برصيد تراثه الثقافي.
ومتحف الحصن القديم يقع في ولاية الكامل والوافي في محافظة جنوب الشرقية يعرض فيه مجموعة من المقتنيات الأثرية والتراثية من أسلحة وعملات ولوحات وحِرف وخزفيات وطوابع قديمة وغيرها، ومما يميز متحف الحصن القديم مرور فلج الكامل بين جنباته ويُعد ذلك إضافة جمال آخر وعنصر جذب له، ويُعد الحصن القديم ذا مكانة تاريخية، فقد كان مقراً للولاة ما بين عام 1364 للهجرة الموافق 1944 للميلاد إلى بزوغ عصر النهضة المباركة، وفي عام 2000م وجه السلطان قابوس -رحمه الله - بإعادة ترميمه، وقد قامت الوزارة بترميمه وتسليمه بحالته الأصلية إلى الشيخ خميس بن حليس الهاشمي.
أما متحف أبناء مجان فيقع بولاية صحار في محافظة شمال الباطنة، ويعرض مجموعة متنوعة من المقتنيات التراثية كالأسلحة والعملات وأدوات الملاحة والأدوات الزراعية والمشغولات الحِرفية والتراثية المتداولة والموروثة على مر الأجيال، وافتتح المتحف عام 2014م، ويتكون من قاعة عرض واسعة ذات سقف مزخرف من السعف، ومن أبرز المقتنيات قارب صيد قديم من نوع الهوري يسمى "الحيمر" نسبة لنجم الحيمر (الأحيمر) ورياح الحيمر التي تهب من الشمال.
ومتحف بيت الغشام يقع في ولاية وادي المعاول في محافظة جنوب الباطنة، ويعرض مجموعة من المقتنيات ذات طابع تراثي لتشمل أواني نحاسية وفخارية ومشغولات سعفية وعملات نقدية، إضافة لمجموعة من الحلي والمناديس والأسلحة، وغيرها من المقتنيات.
وتؤرخ مدة بناء البيت إلى عهد السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي، أي أن عمره تجاوز قرنين من الزمن، وقد صُمم على طراز الفن المعماري العماني، ويتكون من دورين ويضم 15 غرفة متنوعة كالصباح والسبلة والغرف المحصنة وأبراج مراقبة وبئر وأماكن تخزين التمور والمواد الغذائية الأخرى وفناء واسع بعد مدخله الشرقي يضفي عليه انشراحاً وجمالاً دائمين.
وكان البيت في بدايته منزلاً للسيد محمد بن أحمد بن ناصر الغشام البوسعيدي ومن هنا جاءت التسمية ببيت الغشام، ثم صار للسيد أحمد بن هلال بن علي البوسعيدي، ثم اشتراه السيد علي بن حمود البوسعيدي الذي أعاد ترميمه كما ينبغي وفقاً للطراز المعماري الذي كان عليه، بغرض جعله متحفاً يؤدي أدواراً ثقافية واجتماعية وسياحية.
ويمثل متحف بيت الغشام نمط العمارة الطينية العمانية الذي تم أحياؤه وإعادة استخدامه. ويعد اليوم مزاراً سياحياً مهماً لما يتمتع به من مقومات السياحة الثقافية مع توفر المرافق المهمة كمطعم ومحلات لبيع التحف والهدايا خدمة للزوار، ويقدم نموذجا رائعاً للأنشطة المتحفية السياحية بشكل متكامل من خلال إقامة العديد من الفعاليات والبرامج الثقافية والأنشطة المختلفة مع وجود مسرح به.
أما متحف مدحاء فيقع بولاية مدحاء في محافظة مسندم، ويعرض المتحف مجموعة من المقتنيات الأثرية والتراثية من نقوش صخرية وأحافير وأسلحة ومسكوكات وأحجار كريمة وخواتم، ومخطوطات ووثائق، وغير ذلك فيعد المتحف غنيا بتنوع مقتنياته الثمينة كالقطع الأثرية التي تعود إلى فترات قبل الميلاد كالرسومات والكتابات الصخرية والمخطوطات في علوم مختلفة وغير ذلك من مقتنيات التراث الثقافي للوطن ومنها ما هو عن حضارات وثقافات مختلفة، لتصبح جميعها تحت سقف واحد وفي مأمن عن الضياع والاندثار ولتبقى مرآة للزائر ومرجعاً للباحث. وقد جاءت إقامة المتحف بمكرمة من السلطان قابوس -رحمه الله- وتم افتتاحه رسمياً عام 2018م.
ومتحف العفية التراثي يقع في ولاية صور في محافظة جنوب الشرقية، ويعرض مجموعة من المقتنيات التراثية، من عملات وأسلحة وكتب ووثائق وأدوات موسيقية، وأجهزة إلكترونية، وأوانٍ فخارية ونحاسية وسعفيات وأبواب خشبية وغيرها، ومما يضيف للمتحف جمالا هو وجود مجسم لحصن بلاد صور معروض أمام مدخل المتحف.
ويعرض المتحف الوطني في مسقط في العديد من قاعاته عددا من الأواني الفخارية والحجرية أو جذاذات منها اختلفت أشْكالُها وأنماطها الزخرفية، حيث احتوت الأَوعية الشائعةُ من الأَواني الحجرية مع بداية العصر الحديدي بشكل كبير على جوانب مستقيمة بأَطراف بارزة، كما تشابهت تلك الأَواني المفوهة في شكلها مع الأَواني الفخارية التي من المدة نفسها، واستبدلت الأَشكال الدائرية المحفورة بأَنماط متعرجة، وخطوط عمودية، ومثلثات بخطوط رفيعة، وتظهِر تلك الأَوانِي مع نهاية هذه المدة سيادة الخطوط المتعرجة، وتتضمن أَحيانا أَشكالا بدائية.
وكانت الكشوفات الأثرية في كل من قرية بات قرب ولاية عبري بمحافظة الظاهرة، والعرجاء بوادي الجزي قرب ولاية صحار بمحافظة شمال الباطنة، وقرية الأخضر بوادي سمد بولاية المضيبي في محافظة شمال الشرقية، التي تعود إلى الألف الرابعة ماقبل الميلاد، قد دلت على أن هناك صناعة منتشرة للأواني الفخارية، ووصفت بأنها كانت صناعة متطورة وراقية كمثيلاتها في المنطقة في تلك المدة، وأنها كانت معاصرة للحضارة السومرية القديمة ببلاد الرافدين مثل مناطق أور و جمدت نصر، وقد تأثرت بأساليب صناعة الفخار القائمة آنذاك بجنوب فارس، وهذا يدلنا على وجود صلات تجارية قديمة بين عُمان وهذه المناطق.
وعثر بتل قرب بسياء الواقعة إلى الجنوب من ولاية بُهلا بمحافظة الداخلية على قطع أوانٍ فخارية، منها آنية جدرانها سميكة شبيهة بتلك التي عثر عليها بحفريات ميناء رأس الحد، الذي يشبه بدوره ما وجد في جيدي ومجموعة جزر لامو في شرق أفريقية، أو سيراف، وتدل الآنية التي كُشف عنها في بهلا على تشابك الصلات والمصالح المتبادلة بين داخلية البلاد وسواحلها، كما عثر على مجموعة من قطع الفخار عند مصب وادي بني خروص على ساحل جنوب الباطنة ما بين مدينتي المصنعة وبركاء تشبه الفخار الذي عثر عليه بسامراء في العراق وسيراف، واليمن، وهذا يدلنا على أن عُمان كانت ملتقى تجتمع فيها تأثير حضارات مختلفة، فتصهرها في بوتقتها، فمثلا نجد بمصنع بهلا أن عجلة الفخار والقالب الذي يصب فيه شبيه بالنمط السومري القديم، بينما مصنع سور السوادي بولاية صحم في محافظة شمال الباطنة.
وتتميز المصنوعات الفخارية المعروضة في المتحف الوطني بزخارف متنوعة، تؤكد قدرة الفنان العُماني على الابتكار وغزارة الأفكار والحلول التشكيلية التي يمتلكها للتعبير عن مضمون ثقافته، والغنى في استخدام المفردات التشكيلية التي شغلت مختلف المساحات بعدة وحدات زخرفية منها : الحز على السطح وهو رطب، وقد تُملأ الحزوز بألوان، وكان من الزخارف التي استخدمت أيضًا الزخارف التي اعتمدت على الوحدات الهندسية والنباتية والعناصر الكتابية أو الزخارف المستمدة من التراث الإسلامي كالزخارف المفرغة وكتابة الآيات القرآنية حيث استخدم الحرفي العُماني منذ القدم أنواعا من الطين في الصناعات الفخارية التي امتازت بأشكال تقليدية وثراء أسطحها الزخرفية القائمة على الخط والنقطة والملامح البصرية المرتبطة ببساطة التنفيذ.
وفي هذا الصدد يقول ناصر بن سيف الحاتمي -فنان تشكيلي ومصمم في الحرف التقليدية- : "إن موروثات الفخار منذ نشأتها الأولى تمتاز بالرشاقة والجمال الذي يحدد قوتها الأصيلة وفوائدها المطلقة، حيث تمتاز هذه الموروثات الفخارية بأشكالها التقليدية وثراء أسطحها الزخرفية القائمة على الخط والنقطة والملامح البصرية المرتبطة ببساطة التنفيذ والقائمة على بعض المهارات البسيطة والبصمات الخطية والنقطية باستخدام الأدوات البسيطة مثل الحبال وقطع الخشب التي تترك أثرا على الفخار وتضيف له اللمسة الجمالية التي نراها في الفخار القديم".
ويضيف الحاتمي: "إن الفخاريين العُمانيين استخدموا نوعين من الطين من خلال العينات الموجودة في المتحف الوطني، وهي تشير إلى أنه استخدم طينة المدر وهي متوفرة الآن بسهولة ويسر في الكثير من محافظات السلطنة، وتمتاز بتحملها لدرجات الحرارة ومساميتها ومرونتها بفضل الجزئيات المكونة لخواص هذا النوع من الطين، ولونها يتراوح ما بين الأبيض الكريمي والوردي الباهت ويمكن مشاهدتها في العديد من قاعات المتحف الوطني في المباخر والمجامر والأواني المستخدمة في حفظ الماء، واستخدم صانعي الفخار العُمانيين أيضا تربة الصربوخ وهي تربة حجرية ملساء وتستخدم بعد طحنها وتمتاز بالصلابة ومقاومتها للحرارة في درجات عالية جدا حيث تم استخدامها في صنع أواني الطبخ والأواني التي تحفظ اللبن".
وتزخر قاعة عظمة الإسلام بالمتحف الوطني بمسقط بالعديد من الكنوز التي تثري الزائر للمتحف وتعرّفه بإسهامات العمانيين في العديد من مجالات العلوم، حيث تضم القاعة من بين المعروضات العديد من المصاحف العمانية المخطوطة التي أولاها النساخ والخطاطون العمانيون أهمية كبيرة، وتسابقوا في اتقانها وإبداعها وتتميز بجمال الخط، وحسن تجليدها وزخرفتها وتذهيبها.
وفي دار المخطوطات بوزارة التراث والثقافة هناك عدد كبير من المصاحف المخطوطة تتجاوز 200 مصحف، يقول عنها محمد بن فايل الطارشي رئيس قسم تسجيل المخطوطات بالوزارة : إن من بينها " مصاحف متميزة بطابعها الزخرفي وأشكالها الهندسية والنباتية التي تتسم بالواقعية والتواضع وبالألوان الزاهية التي حاول الخطاطون والنساخون العمانيون أن يبذلوا قصارى جهدهم في نسخ هذا النوع من المخطوطات بالخط العماني المميز الذي يجمع بين خط النسخ وخط الثلث و يعمد إلى استخدام الخطوط المتشابكة في بداية المخطوط ونهايته".
وقال محمد بن فايل الطارشي: إن "من الظواهر الكتابية أيضا "التعقيبة" وهي الكلمة التي في أسفل الصفحة اليمنى غالبا لتدل على بدء الصفحة التي تليها، وتسمى أيضا لفظ التتابع بين الصفحات وهو نوع من الترقيم استخدمه القدماء لترتيب مؤلفاتهم وهي أن يثبت الناسخ في نهاية المصحف تحت آخر كلمة من السطر الأخير أول كلمة أو كلمتين من الصفحة الموالية لها للدلالة على تسلسل النص، وكانوا يفعلون ذلك ليهتدوا إلى ترتيب الأوراق عند اضطراب هذا الترتيب لسبب تفكك أوراق المخطوط وغير ذلك".
وبين الطارشي أنه "لم تقتصر أيضا الزخرفة عن الظواهر الكتابية وأول المخطوط وآخره بل امتدت الزخرفة أيضا إلى دفتي المخطوط وهو الجلد وأيضا إلى لسانها وداخلها، فقد تم تبطين بعض المصاحف بقماش من الحرير، ووقفت على مصاحف عمانية محفوظة في مكتبة وزارة التراث والثقافة برقم حفظ 4891، والتبطين هو نوع من الزخرفة بألوان الإبرو وهي زخرفة مستوحاة من مصاحف فارسية ظهرت في القرن العاشر، وهناك مصاحف عمانية مبطنة بهذا النوع من الألوان المتداخلة".
ومن المصاحف العمانية بدار المخطوطات مصحف الريامي الذي لا يجد المتصفح له أي نقش أو زخرفة وهو مصحف كتبه الأديب النسابة عامر بن سليمان الريامي من علماء القرن الثالث عشر الهجري وفرغ من كتابته في منتصف ذي الحجة 1240هـ ويجد القارئ التلوين والزخرفة في صفحتيه الأوليين فقط، ولكنها زخرفة هادئة كأنما هي قطعة نسيج من التراث العماني القديم، أما خط الناسخ فغير مميز لكنه واضح ومقروء، ومتباعد الأسطر، ولا يجد المتصفح له أثر لزخارف تذكر، بل تخلو صفحات المصحف عادة من التأطير ولوّن الخطاط بالأحمر أسماء السور التي يحيطها بإطار أحيانا وأحيانا دونه.
ومن بين مصاحف الدار أيضا مصحف حمل اسم مصحف الوايلي وهو من بين النماذج التي تظهر فيه بساطة مخطوطات المصاحف العُمانية وخط المصحف الناسخ سليمان بن مطر الوايلي وفرغ منه في يوم الاثنين 2 جمادى الأولى 1291هـ ولا يجد المتصفح لهذا المصحف أي زخارف تذكر سوى إطار من خطين متوازيين باللون الأحمر أحيانا وهذا النمط من المصاحف شائع بكثرة عند أهل عُمان، وهو ينطلق من مبدأ يَعدّ مكمن الجمال ليس في الزخارف والنقوش والزينة، إنما في البساطة التي تكسب القارئ الراحة والسكينة وفي وضوح الخط وضبط الشكل الذي يعينه على قراءة صحيحة متقنة للقرآن الكريم وله أمثلة كثيرة في مخطوطات الدار.