- Home
- Media Center
University Journal
يعد التقبيل أحد الأنشطة التي يمارسها الناس بشكلٍ يومي، فهو أكثر الوسائل تداولاً للتعبير عن صدق المشاعر، سواء تجاه حبيبٍ أو صديق أو ابن أو والد. ورغم ذلك، فإنه لا يعرف أكثرنا مصدر وأصل التقبيل.
أما فيما يخص قُبَل المحبين تحديداً، فيعتقد بعض العلماء أن التقبيل ظهر قبل ملايين السنين، نتيجةً لتلامس أفواه الحيوانات أثناء إطعام بعضها البعض، مثل أن تقوم الأم بمضغ الطعام ثم دفعه إلى فم ابنها.
يقول أستاذ علم الإنسان في جامعة تكساس فون براينت لموقع Discovery، "من هذه الملاحظات، يزعم أن البشر تعلموا التقبيل من خلال تبادل الطعام بين الأمهات وأبنائهم"، وسواءاً كانت هذه النظرية صحيحةً أم خاطئة، فإن هناك مجموعات ثقافية لا تعرف التقبيل.
فوفقاً لدراسة جديدة بحثت بين 168 ثقافة حول العالم، تبين أن 46% فقط من الثقافات هي التي تقبّل بدافع رومانسي، فيما ادعت دراسة سابقة أن النسبة تصل إلى 90%، لكن الدراسة الأخيرة استثنت تقبيل الوالدين لأولادهما وركزت على التقبيل بالشفاه بسبب دوافع رومانسية بين شريكين.
القبلة الأولى: هندية
في حين يظل أصل التقبيل مبهماً، فإن هناك من علماء التاريخ من يعتقد أن الهنود هم أول من قاموا بالتقبيل، والذي نشأ عن العادة القديمة في مشاركة نفس الآخر.
هناك 4 نصوص سنسكريتية قديمة تعود إلى العام 1500 قبل الميلاد، تصف أشكالاً قديمة للتقبيل، مثل فرك الأنوف وضغطها مع أنوف الآخرين.
وتشير نصوص سنسكريتية أخرى إلى قيام الناس بشم بعضهم بأفواههم، ولاحقاً وصفوا العاشق بإلصاق فمه مع فم الآخر، ويعتقد براينت أن القبلة انتشرت إلى الغرب بعد غزو الاسكندر الأكبر للهند في العام 326 قبل الميلاد.
الرومان وانتشار التقبيل
يعود الفضل للرومان في انتشار التقبيل في أوروبا وأجزاء من شمال أفريقيا، وقد قسم الرومان القبل إلى ثلاثة أنواع:
- Osculum: وهي قبلة الصداقة التي توضع على الخد.
- Basium: وهي قبلة شهوانية تكون من خلال توجيه القبلة إلى الشفاه.
- Savium: وهي القبلة المملوءة بالشغف، والتي عرفت لاحقاً بالقبلة الفرنسية.
واعتبرت القبلة عند الرومان جزءاً من ثقافتهم، حيث مررت قوانين تخصها، مثل "إذا قُبلت الفتاة العذراء بشغف في العلن، فمن حقها طلب حقوق الزواج كاملةً من الرجل".
القبلة في العصور الوسطى وتحريم الكنيسة
خلال العصور الوسطى، انتشر التقبيل في جميع أنحاء أوروبا، إلا أن ممارسته كانت محكومةً بمكانة الشخص الاجتماعية.
فالأشخاص المتساوون في المرتبة، ذكوراً وإناثاً، يمكنهم التقبيل على الشفاه، أم الأشخاص الأقل في المكانة، فبالإمكان وضع القبلة على خد الشخص الآخر أو يده أو ركبته أو قدمه أو حتى الأرض التي يقف عليها الشخص.
وبسبب عدم معرفة الكثير من الناس في هذا الوقت بالقراءة والكتابة، كانت القبلة تستخدم لإمضاء العقود، حيث كان يقوم الناس بوضع علامة إكس كرمز لأسمائهم ثم تقبيلها لجعلها شرعية، وكان هذا أصل علامة X التي توضع على بطاقات وخطابات عيد الحب.
وبحلول العام 1300، شغلت القبلة الكنيسة الكاثوليكية لدرجة كبيرة، خوفاً من أن تؤدي إلى ممارسات شهوانية.
ففي مجمع فينا بين عامي 1311 و1312، قام البابا كليمنت الخامس بتحريم ما يطلق عليها بـ "القبلة المقدسة" خلال الخدمات الكنسية، واستبدالها بالمصافحة كتعبير عن السلام، الأمر الذي ما زال مستمراً حتى الآن.
الثورة الصناعية والقبل
kissing hands
انتهت أزهى عصور التقبيل في أوروبا بين أواسط ونهاية القرن الـ 17، حيث تم استبدالها بأفعال أخرى مثل الانحناء ورفع القبعة.
يقول براينت، إن الطاعون العظيم في إنكلترا في العام 1664، لعب دوراً كبيراً في إيقاف التقبيل، خوفاً من انتقال المرض بين الناس.
وبين العام 1760 والعام 1840 - أي خلال الثورة الصناعية -، أصبح تقبيل اليد منتشراً في إنكلترا، والذي في النهاية تطور مع مرور الوقت إلى المصافحة باليد.
في العام 1896، ظهر فيلم صامت بعنوان The Kiss، والذي أظهر لأول مرة اثنين يقبلان بعضمها بشكل متكرر، هما الممثلة ماي اروين والممثل جون رايس ما عدّ فضيحةً في وقتها.
القبلة الفرنسية وتعريفها في المعجم
القبلة الفرنسية، هي أكثر القبل التي توصف بالشغف، حيث يقوم الحبيبان بالتقبيل بالألسن، ورغم شهرة القبلة خلال السنوات الطويلة، إلا أنها لم يكن لها مصطلح حتى الآن.
إلا أنه منذ سنوات قليلة، تم إضافة مصطلح "galocher" للإشارة إلى التقبيل بالألسن في قاموس "Le Petit Robert 2014" الفرنسي.
الثقافات والقبل
نيوزيلاندا وفرك الأنوف
كان أول من أشار إلى أن القبل ليست ممارسة شائعة في جميع الثقافات، هو تشارليز دارون في كتابه "التعبير عن العواطف في الإنسان والحيوان"، حيث أشار إلى أن التقبيل مستبدل في العديد من الشعوب بفرك الأنوف، وقد كشف مستشكفون قدامى في نيوزيلاندا عن قيام شعوب الماوري بالتحية من خلال الضغط بأنوفهم وجباهمم بعضها ببعض.
تايلاند والشم بالقبل
في العام 1897، قال عالم الإنسان بول دينجوي، أن التقبيل في تايلاند يعتبر رجساً وشكلاً من أشكال أكل لحوم البشر.
وحتى الآن، فإن أشهر شكل للقبل العامة بين الناس في تايلاند، هو "قبلة الشم"، كتعبير عن الدفء والامتنان والتقدير، وتكون هذه القبلة عن طريق غلق المقبل فمه والضغط بهما على الخد والأنف لمدة طويلة.
الثقافة اليابانية والقب
بسبب اعتبار القبل على الفم نوعاً من أنواع الحميمية والجنس، كان يعتقد المسافرون الأوروبيون الأوائل أن اليابانيين لا يقبلون، حتى في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، كان التقبيل أمام العامة يعدّ فعلاً صادماً.
حتى في أواخر العام 1930، عندما تم عرض تمثال اوغست رودين الذي يسمى "Le Baiser" أي القبلة في طوكيو، تم حجبه وراء حجاب من سيقان الخيزران لتجنب الإساءة للجمهور، وبسبب افتقار اللغة اليابانية لكلمة توضح معنى التقبيل، تمت استعارة كلمة kisu من اللغة الإنكليزية للدلالة عليها، وبالتدريج أصبح التقبيل مقبولاً في الثقافة اليابانية.
التقبيل عند الحيوانات
قد يظن البعض أن التقبيل مقتصرٌ على البشر فقط، إلا أن التقبيل ممارسة تقوم بها بعض الحيوانات، فذكور الشامبانزي تقوم بتقبيل بعضها كنوع من المصالحة، حيث لا يعد بينهم ممارسة رومانسية يفعلها الذكور والإناث.
بينما تقوم قرود البابون، باستخدام ألسنتها خلال التقبيل، حيث تشتهر هذه الفصيلة بالكائنات الجنسية من الدرجة الأولى، لكن رغم ذلك لا تعتبر قبلات البابون من القبل الرومانسية، بل هي فعل يوازي المصافحة عند البشر.
يعتبر هذان الحيوانان استثناءً، فبقية الحيوانات فيما نعلم لا تقبّل بعضها، إلا أنها قد تستبدل القبل بأفعال أخرى مثل مس الأنف أو الوجه.