- Home
- Media Center
University Journal
قدمت تشارليز ثيرون النجم توم هانكس ليتسلم جائزة "سيسيل بي ديميل" التكريمية عن أعماله السينمائية خلال حفل توزيع جوائز الغولدن غلوب مساء الأحد قائلة، "إنه الرجل الذي جعل العالم أفضل".
ويتلقى هانكس الجائزة ويختنق بالبكاء خلال خطابه، شاكرًا حظه الطيب على وجود عائلته بجواره ليثبت مرة أخرى إنه ليس فقط من أكثر الرجال موهبة على الأرض لكن كذلك أكثرهم طيبة، حسب نقاد ومعجبين.
الرجل الذي أبكى الجميع
أثار خطاب شكر توم هانكس مشاعر الكثير من المشاهدين، سواء هؤلاء في قاعة حفل توزيع الجوائز أو الذين شاهدوا الحفل عبر شاشات التلفاز.
وقالت إحدى الفتيات -في تغريدة على حسابها الخاص بتويتر- "أنا إنسانة لو بكى توم هانكس سأبكي أيضًا".
لكن حديثه عن عائلته واختناقه بالبكاء لم يكن الأمر الوحيد المؤثر في هذا الخطاب، بل إخلاصه وشكره لكل شخص عمل معه من كبار النجوم مثل ميريل ستريب وكلينت ايستوود وميغ رايان وحتى أصغر العاملين في كل فيلم، لأنهم بالتأكيد أسهموا بشكل ما في جعل الفيلم يظهر في النهاية على هذه الشاكلة.
أتى هذا الخطاب المؤثر متسقًا مع شخصية توم هانكس، بصفته واحدا من أكثر الشخصيات المحبوبة حول العالم، والذي قدم على مدار مسيرته المهنية شخصيات كذلك على القدر نفسه من الطيبة، آخرها الشخصية التلفزيونية الأيقونية فريد روجرز في فيلم "يوم جميل في الجوار" (A Beautiful Day in the Neighborhood).
عشق للفن وحده
خلال المؤتمر الصحفي بعد الحفل سأل أحدهم هانكس كيف حافظ على نفسه طوال هذه السنوات في هوليود دون أي مشاكل أو خلافات أو فضائح، فرد أنه لم تكن له أجندة أو خطط مسبقة لذلك، لكنه منذ عرف أن التمثيل "مهنة" ظن أنها ألطف وأظرف مهنة في العالم، وهو اليوم لا يمثل لأنه يبحث عن القوة على الرغم من أنه يملكها، أو حتى المال، بل إنه يحمل للفن الشغف نفسه الذي شعر به وهو طالب ويستعد لتأدية أدواره في المسرحيات المدرسية.
وخلال مسيرته التي بدأت في الثمانينيات قدم هانكس أدورًا مختلفة ومتنوعة ما بين الكوميديا والفانتازيا كما في أفلام "كبير" (Big) و"سبلاش" (Splash)، والرومانسية كما في أفلامه مع ميج رايان مثل "الساهر في سياتل" (Sleepless in Seattle) و"لديك بريد" (You've Got Mail)، والأفلام الدرامية مثل "فورست غامب" (Forrest Gump)، و"الميل" الأخضر" (The Green Mile)، والخيال العلمي مثل "كلاود أتلس" (Cloud Atlas) وحتى أفلام العصابات مثل "الطريق إلى الهلاك" (Road to Perdition).
ولكن النوع الذي برع فيه لدرجة خارقة، وأصبح ملتصقًا باسمه هو السِّيَر الذاتية وتقديم الشخصيات الحقيقية، لدرجة جعلت إحدى الصحفيات في المؤتمر الصحفي نفسه تسأله "من ستقدم الفيلم المقبل؟".
فعلى مدار مسيرته أدى هانكس شخصيات متباينة، ما بين والت ديزني مبدع أفلام الرسوم المتحركة، وتشارلي ويلسون السياسي الأميركي الذي ساعد أفغانستان في التخلص من الاحتلال الروسي، وفريد روجرز مقدم البرامج التلفزيونية للأطفال الشهير، ومريض الإيدز أندرو بيكيت، ورائد الفضاء جيم لوفيل الذي كان على متن المركبة الفضائية في المهمة الفاشلة أبوللو 13 وغيرها من الأفلام.
فقد امتلك هانكس القدرة السحرية على تقمص الشخصيات المختلفة، ربما كان ذلك يرجع لملامحه الهادئة البسيطة التي تجعله يشبه الجميع، ونبرة صوته المتلونة التي أهلته لتأدية الأصوات في أفلام الرسوم المتحركة، لكن بالتأكيد يرجع الأمر إلى موهبته الكبيرة.
بداية متواضعة
بدأت مسيرة توم هانكس بفيلم رعب منخفض الميزانية للغاية هو "يعلم أنك وحدك" (He Knows You're Alone) عام 1980، ليقدم بعدها أدوار البطولة في أفلام ومسلسلات تلفزيونية.
وقال عنه المنتج إيان براسير لمجلة رولينج ستون "من أول مرة شاهدته فكرت أنه أمر سيئ أننا لن نشاهده في التلفاز كثيرًا، لأنه سيصبح نجمًا سينمائيًا في غضون عامين -وكما نعلم جميعًا- سريعًا ما حدث ذلك بالفعل".
فعام 1988 ومع فيلمه "كبير" حصل هانكس ليس فقط على إعجاب الجماهير والنقاد، ولكن كذلك أول ترشيح له للأوسكار.
وعلى الرغم من نجاح هانكس الكبير في الأدوار الكوميدية، فإنه لم يرغب في حصر نفسه فيها لوقت طويل، لذلك بدأ التسعينيات بتجربته أنواعا سينمائية مختلفة ليختبر موهبته بكل السبل، ويقدم في هذا العقد مجموعة من أعظم أفلامه ويبدأ الألفية الجديدة وقد أصبح نجمًا أيقونيًا بالفعل.
ولكن توم هانكس على عكس ممثلين أصغر وأكبر منه، لم تجعله نجوميته ونجاحه وجوائزه متجمدًا خائفًا من التجارب الجديدة، حذرًا في خطواته المقبلة، بل امتلك الشجاعة للانتقال من مشروع إلى آخر في العام الواحد، فنراه في 2019 مثلا مؤديًا دور وودي في الجزء الرابع من أفلام "قصة لعبة"، ثم الإعلامي الرقيق فريد روجرز في "يوم جميل في الجوار".
ربما لن يحصل على الأوسكار عن هذه الأدوار وهو لا يهتم بذلك كما يبدو، بل كما قال في لقائه الإعلامي الأخير، لأنه يبحث عن ذلك الشغف الذي يجعله متشوقًا لتأدية دوره المقبل حتى لو كان الفيلم تجاريا مسليا ومبنيا على سلسلة روايات الأعلى مبيعًا مثل شخصية روبرت لانغدون وأفلام شيفرة دافنشي والجحيم وملائكة وشياطين المقتبسة عن روايات دان براون.
ما زال لدى هانكس -كما قالت تشارليز ثيرون- الروح نفسها لشاب صغير قادم حديثًا إلى لوس أنجلوس ليختبر نفسه في الأدوار المتنوعة ويسعى لإثبات موهبته وبراعته، ليس بحثًا عن مال أو قوة ولكن عن السعادة التي يبثها في كل من حوله.