- الرئيسية
- المركز الاعلامي
صحيفة الجامعة
مقرن ليس وحيدًا.. 4 قادة عرب لقوا حتفهم في ظروفٍ غامضة والسر «هليكوبتر» - صحيفة الجامعة
في خبرٍ صادم تناقلته وكالات الأنباء ليلة أمس الأحد، لقي الأمير «منصور بن مقرن» حتفه في حادث تحطم مروحية بمحافظة عسير، وذلك أثناء عودته من جولة تفقدية لبعض المشاريع الساحلية غرب مدينة «أبها»، حيث فقد الاتصال بالطائرة في محيط محمية ريدة، كما جاء في البيان الرسمي لوزارة الداخلية السعودية.
جاء ذلك عقب ليلة مُثيرة للجدل شهدتها المملكة السعودية، مساء السبت الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، قام فيها الملك «سلمان بن عبد العزيز» بإصدار عدة أوامر ملكية، من بينها تشكيل لجنة لحصر الجرائم والمخالفات في قضايا الفساد بالمال العام، وذلك برئاسة ابنه ولي العهد «محمد بن سلمان»، تم على أثرها الإطاحة بكل رؤوس المعارضة في العائلة الملكية؛ وهو ما اعتبرته بعض وكالات الأنباء توقيتًا ذكيًا لسقوط الطائرة، خاصةً مع عدم إعلان الحكومة السعودية لملابسات الحادث.
في الحقيقة لم يكن حادث مقرن هو الوحيد؛ فعلى مدار العقود الفائتة شهدت الكثير من الدول العربية بعض الحوادث الغامضة لقادة عرب لقوا حتفهم في ظروفٍ مشابهة.
أحمد بدوي.. وزير الدفاع المصري
تعتبر حادثة وفاة القائد العسكري الفريق «أحمد بدوي سيد أحمد» وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة المصرية في مارس (آذار) من عام 1980 من أكثر الحوادث إثارةً للجدل في أواخر القرن الفائت، حيث تحدثت بعض المصادر عن تورط الرئيس المصري الأسبق «محمد حسني مبارك» بمعاونة الرئيس الليبي «معمر القذافي» في اغتياله؛ وذلك من أجل توجيه ضربة للرئيس «محمد أنور السادات».
في تقرير تم نشره بجريدة «روزاليوسف» عام 2011، رويت لأول مرة تفاصيل جديدة عن ملابسات الحادثة، قد تقلب الأمور رأسًا على عقب؛ حيث قالت إنه وفي يوم الحادثة وأثناء وجود الطائرة في المنطقة الغربية، حيث يتفقد القائد «أحمد بدوي»، ومعه بعض المسؤولين من القادة العسكريين، المنطقة الغربية، والتي كانت منذ يوليو (تموز) 1977، وحتى ذلك الوقت ساحة لمواجهاتٍ عسكرية ساخنة بين مصر وليبيا، وبعد أن انتهت جولته وأثناء استعداد الطائرة للتحليق، وعلى متنها المسئولون والمُشير، وبعد أن ارتفعت عجلاتها عن سطح الأرض قاموا باكتشاف خطافٍ مربوط في ذيل الطائرة يجذبها نحو أسلاك الإنارة القريبة، فأخذت تتأرجح في الهواء، وعندما طلب الطيار الطوارئ ؛ أمروه بالقفز من الطائرة، أما المُشير «أحمد بدوي»، ومن معه من المسؤولين، والقادة العسكريين، فقد بقوا في الطائرة التي انخلع عنها الذيل بعد ثلاث ثوانٍ من ذلك، وقد وافتهم المنية، ولم ينج منهم سوى العميد أبو بكر، والذي كان كرسيه ناحية الذيل فلم يصبه سوى كدماتٍ خفيفة.
وعن ملابسات الحادثة تشير روزاليوسف أنه وفي الوقت الذي كان فيه (مبارك) نائبًا للسادات حينها، كانت هناك حالة عدائية بينه وبين المشير «أحمد بدوي»، حيث قام الأخير بتقديم معلومات للسادات كادت تطيح بالنائب مبارك، تفيد بأنه عمل سمسارًا للسلاح من خلال صفقاتٍ مشبوهة، بعد أن كون مجموعة من العلاقات؛ ليكونوا رجاله في الجيش وفي وزارة الدفاع، وهي نفس المعلومات التي أمد بها «بدوي» نائب مجلس الشعب حينذاك «علوي حافظ»، وذلك قبل حادثة وفاته بساعات؛ وفي مارس (آذار) من عام 1990 تم مناقشة الاستجواب الأشهر في مجلس الشعب، والذي يتهم فيه «علوي» مبارك بالتورط في مقتل المشير أحمد بدوي، وهو الاستجواب الذي ظل مُعلقًا في مجلس الشعب لمدة عامين منذ 1988، ولكنه تم دون جدوى.
وعن علاقة القذافي بالأمر تشير روزاليوسف إلى أن هناك مزاعم قوية تفيد بأن القذافي قد ساعد مبارك في عملية التخلص من المشير «أحمد بدوي»؛ وذلك لتوجيه ضربة قاصمة للرئيس «السادات»، بعد أن كبده خسائر كبيرة إثر هجمة خاطفة قام بشنها في يوليو (تموز) 1977 على ليبيا، وهي الحرب التي انتهت في نفس العام بعد وساطة من الرئيس الجزائري «هواري بومدين» والرئيس الفلسطيني «ياسر عرفات».
عدنان خير.. قائد الجيش العراقي
في عام 2012 نشر ضابط المخابرات العراقي «مزهر الدليمي» شهادته حول مقتل وزير الدفاع العراقي السابق «عدنان خير الله»، والتي صُنفت حينها بأنها أسرار لا يعرفها أحد، قائلًا: «في العام 1989 اتصلت شخصيًا بصديقي الطيار الخاص لعدنان خير الله؛ للاتفاق معه على موعد في العيد؛ فأخبرني أنه سيذهب مع وزير الدفاع في واجب في شمالي القطر، ووعدني باللقاء بعد العودة لتمضية فترة عيد الفطر المبارك في بغداد، فأبلغته أنا أيضًا سأذهب مع الرئيس صدام إلى الشمال»، مُستكملًا أنه وبعد وصولهم كان هناك لقاء عابر بين الرئيس «صدام حسين» وخير الله، لاحظ فيه الدليمي نظرات صدام لعدنان وهو يستقل الطائرة، وكأن هناك شيء ينتظره في الأفق.
مُشيرًا إلى أن الطيار الخاص بعدنان أخبره أن عدنان كان مترددًا في قرار السفر، خاتمًا حديثه بأن حدس عدنان قد صدق؛ فقد انفجرت الطائرة إثر قنبلة موقوتة وضعت تحت المقعد الخلفي.
يقول الدليمي: «ثمة سببان مباشران للإسراع في تصفية عدنان خير الله بهذا الشكل المأساوي، أولهما سياسي، وخلاصته أنه قبيل فترة وجيزة من تنفيذ حادث الطائرة ألقت مخابرات النظام القبض على مجموعة من العسكريين والمدنيين بتهمة الإعداد لمحاولة انقلابية، وبعد أن عُذِّب هؤلاء تعذيبًا شديدًا في أقبية المخابرات، ورد ذكر مدير المكتب الخاص لعدنان، وهو من (سامراء)، وبعد أن جاء دور هذا للتعذيب؛ اعترف بأنه في حالة نجاح الانقلاب، فإن المرشح للرئاسة – أي البديل لصدام – هو عدنان خير الله».
وهو الأمر الذي في حال صحته يوجه أصابع الاتهام نحو الرئيس السابق للعراق «صدام حسين» في التورط بمقتل «خير الله»؛ إذ يشير «الدليمي» إلى أن هناك خلافاتٍ كانت قد بدأت تدب بين الرئيس العراقي «صدام» وبين خير الله، لسببٍ شخصي، وهي ابنة خير الله، والتي كانت متزوجة من «هيثم أحمد حسن البكر»، ولكنها طُلقت منه بالأمر من صدام حسين، والذي خيره بين الطلاق والقتل؛ ليقوم بتزويجها لأخيه «وطبان إبراهيم»، الأخ غير الشقيق لصدام حسين؛ وهو الأمر الذي فجر غضب «خير الله» في وجه صدام.
أما السبب الثاني فكان الخسائر التي تكبدتها العراق في «حرب الخليج الأولى»، أو كما أطلق عليها الحرب العراقية الإيرانية، بعد سقوط مدينة «الفاو»، وهي مدينة ساحلية عراقية في أيدي الإيرانيين، حيث تكبد الجيش العراقي خسائر وصلت إلى 80%، وهو ما أثار غضب صدام حينها، وجعل الخلاف بين خير الله وصدام سياسيًا إلى جانب الخلاف الشخصي.
ولكن النقطة الأخيرة التي يشير إليها «الدليمي» في شهادته هي أن خير الله كان ضد مقتل «كامل حنا» وهو الحارس الشخصي لصدام والذي قُتل على يد عدي صدام حسين، والذي كان دافعه هو غيرته على والدته «ساجدة صدام حسين»، حيث قام حنا بتعريف صدام على امرأة أخرى أصغر سنًا، أصبحت زوجته الثانية فيما بعد، وهو ما اعتبره عدي إهانة شخصية لوالدته، فأقدم على قتله، بحسب الديلمي.
وبناء على شهادة الديلمي كان كل هذا دافعًَا لصدام حسين على سرعة التخلص من خير الله.
عبد السلام عارف.. الرئيس العراقي
كان عبد السلام عارف واحدًا من الضباط الأحرار العراقيين الذين قادوا الثورة العراقية عام 1958، نجح بعدها أن يصبح رئيسًا للعراق لثلاث سنواتٍ فقط امتدت من عام 1963، وحتى لقى حتفه في عام 1966، والأسلوب كان طائرة «هيلكوبتر» أيضًا وفي ظروفٍ غامضة.
كان «عارف» في جولة تفقدية هو وبعض وزرائه ومرافقيه حين سقطت طائرة الهليكوبتر السوفيتية الصنع التي كان يستقلها لتعلن مقتله، والذي تقول عنه «وفاء عارف» ابنته في حوارٍ لها مع العربية، أنه كان حادثًا مُدبرًا، مُشيرة إلى أن هناك جهاتٍ دولية وإقليمية تقف وراء حادثة الاغتيال.
الجدير بالذكر أن عبد السلام عارف قاد حركة تصحيحية في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1963 ضد البعثيين، يقول عنها الكاتب العراقي «أيمن الأعظمي» إنها حدثت بعدما تفاقمت انتهاكات الحرس القومي؛ إذا قاموا باعتداءاتٍ على المواطنين متحدين سلطة القانون، حتى وصل الأمر في نوفمبر (تشرين الثاني) حد استخدام الضباط البعثيين للطائرات الحربية؛ وذلك لقصف القصر الجمهوري بالصواريخ، وهو ما اضطر عارف إلى أن يقوم بحركة تصحيح مسلحة هدفها كان إنهاء حكم البعثيين، وإقامة حكم قومي بعيدًا عن التطرف بحسبه.
أما عن سقوط الطائرة فيقول الأعظمي أن البيان الحكومي وتأكيدات الحكومة حينذاك قد أرجعت الحادث إلى عاصفة رملية تسببت في سقوط الطائرة وتحطمها، إلا أن هناك رواياتٍ أخرى وجهت الاتهامات نحو البعثيين، بوضع مادة متفجرة في وقود الطائرة للتخلص منه؛ لأنه عدوهم اللدود.
وقد أشارت أصابع الاتهام أيضًا نحو الحكومة المصرية، بالقول إن سياسات عارف ومواقفه لصالح الإخوان المسلمين كانت عبئًا على النظام المصري، فقرر التخلص منه.
جون قرنق.. رئيس المتمردين السودانيين في الجنوب
كان «جون قرنق» ضابطًا نظاميًا في الجيش السوداني أُرسل لينهي تمردًا في الجنوب، ولكن دون عودة، حيث نجح حينها في أن يصبح رئيسًا للمتمردين؛ ليذكره التاريخ فيما بعد كواحد من أهم الشخصيات السودانية في أزمة الجنوب.
ففي تقرير تم نشره بالجزيرة عن حياة «قرنق» يشير إلى أنه أرسل في عام 1983 ليخمد التمرد الذي أعلنته كتيبة من الجنوبيين، وعلى رأسهم القائد «كاربينو كوانين»، إلا أنه وما أن وصل هناك حتى أعلن نفسه زعيمًا عليهم لتبدأ «حركة قرنق» التمردية، والتي استمرت حوالي 20 عامًا تمكن خلالهم قرنق من التوصل لاتفاقٍ خاص مع الرئيس السوداني «عمر البشير» حيث انتوت السياسة الأمريكية عزل نظام البشير، وهو ما أعطى «قرنق» اليد العليا بعد أن أيدته السياسة الأمريكية؛ مما حمل الرئيس السوداني عام 1997 إلى القبول بالاتفاقٍ الذي أدى في النهاية إلى اتفاقية سلام بين الجانبين، وهو ما تم الإشارة إليه حينها على أنه خطوة فارقة في حياة قرنق السياسية، إلا أنه تم اغتياله في حادثة تحطم غامضة لطائرة كان يستقلها قرنق أثناء عودته إلى الجنوب من كمبالا عام 2005، وذلك عقب تنصيبه نائبًا للرئيس «عمر البشير» وتوقيع اتفاقية السلام.
تشير أصابع الاتهام كلها نحو كمبالا كما جاء في حوار «رياك مشار» رئيس الحركة الشعبية المعارضة بالجنوب، قائلًا: «أن التدخل الأوغندي السافر في القتال الجنوبي – الجنوبي يعزز من شكوكنا بشأن تورط كمبالا في مقتل قرنق». حيث وصفها بأنها حادثة مشبوهة، مُشيرًا إلى أنه وعلى الرغم من تصريحات لجنة التحقيق حينذاك، إلا أن استقالة أحد أعضائها وهو وزير الداخلية الجنوبي «إليو أجانق» قد جاء على خلفية اتهام اللجنة بإهمال التفاصيل، إذ تجاهلت اللجنة التحقيق مع أحد الضباط الأوغنديين الكبار الذي رصد يوم الحادثة، وهو يسأل بإلحاح عن سير مروحية «قرنق».
أما الخبير بالشأن الجنوبي «علاء بشير» فيصرح أن ملابسات مقتل قرنق، وكل الأحداث السياسية التي تلتها تدل على أن هناك أيادي دولية كانت تخطط لهذا الاغتيال، حيث لم يكن لديهم الرغبة في بقائه، مُشيرًا إلى أن دوره قد انتهى بمجرد التوقيع على اتفاقية السلام.