- الرئيسية
- المركز الاعلامي
صحيفة الجامعة
في ذكرى إعدام عمر المختار: رموز النضال المغاربي ضد الاستعمار - صحيفة الجامعة
أول أمس كانت ذكرى إعدام المناضل الليبي الكبير عمر المختار، وفي هذا التقرير نعرض لأهم ثلاث شخصيات حاربت المستعمر في المغرب العربي في العصر الحديث، والذي كان يجمع بينهم كونهم علماء دين ومتصوفة إلى جانب ممارستهم السياسة والقيادة العسكرية للجيوش!
عمر المختار: لا نستسلم .. ننتصر أو نموت!
ربما لم يشتهر أحد في العالم العربي والإسلامي في العصر الحديث كما اشتهر عمر المختار، وربما لم تشتهر مقولة أكثر من مقولته التي قالها وهو على حبل المشنقة “نحنُ لا نستسلم ننتصر أو نموت”. وكطبيعة هذه الفترة التي عاش فيها عمر المختار من القرن السابق كانت الطرق الصوفية في أفريقيا ذات سلطة معنوية كبيرة ومقابل هذه السلطة المعنوية حشدت الحركة السنوسية قواتها لمواجهة الاستعمار الفرنسي في تشاد. كانَ عمر المختار أحد أعمدة الحركة السنوسية فحارب في تشاد ضد المستعمر الفرنسي.
المختار مع المجاهدين
ما إن دخل المستعمر الإيطالي إلى ليبيا، موطن المختار، حتى حشدت الحركة السنوسية قواتها في ليبيا وتحت قيادة العثمانيين. لكنَّ معاهدة لوزان قضت بخروج العثمانيين من ليبيا ونشب قتال بين العثمانيين والمقاومين لكنّ تدخل عمر المختار حال دون تفاقم الأمر. بالجملة أحمد الشريف السنوسي كان هو القائد، لكنّ عمر المختار كان القائد الفعلي للمعارك مع الطليان.
تمثال عمر المختار في العاصمة الفنزويلية كاراكاس
منذ دخول الطليان إلى ليبيا عام 1911 وحتى القبض عليه عام 1931 كان عمر المختار على الجبهة، بدأ الجهاد وهو في سن 53 وأعدم وهو في الثالثة والسبعين. بعد أحد المعارك عثروا على حصان المختار مقتولًا فاستحث جيش الاستعمار البحث عنه خصوصًا أنه فوق السبعين ما يعني صعوبة الهرب، حتى وقع في الأسر.
قامت محاولة محاكمة صورية لكنّ الرجل فاجأهم بأنه لا يرى نفسه مخطئًا ويؤكد أنه قبض عليه وفي يده السلاح، ليس هذا فحسب بل إنه أيضًا كان قائد القوات الليبية وأن العمليات ضد المستعمر كانت تخرج من تحت يديه وتدبيره أو بقيادته. أعدم المختار ليظلّ أسطورة للنضال والتحرر وصوفيًا كبيرًا.
لحظة فكّ الأصفاد عنه لتنفيذ حكم الأعدام
عبد الكريم الخطابي: مؤسس جمهورية الرِّيف
كانت المغرب مقسمة من حيث الحماية ما بين فرنسا وإسبانيا، وكانت منطقة الريف ـ التي كان أبو الخطابي أحد أبرز قادتها باعتباره زعيمًا لأحد أكبر قبائلها ـ تحت الحماية الأسبانية. كان محمَّد ـ الذي يعرف بمولاي موحمد ـ قد حفظ القرآن الكريم على يد والده ثمَّ أتم دراسته بمدارس فاس وجامعة القرويين حتى أصبحَ قاضيًا في المغرب، وتحت الضغط الأسباني على ملك المغرب أعلن الخطابي مُجرِمًا وعُزل عن منصبه كقاضٍ.
الأمير عبد الكريم مع أحد رجال الأعمال الأسبان
بدأ عبدالكريم الخطابي بعد وفاة والده مرحلة أخرى من مراحل حياته، والتي ستكون من أهم المراحل في تاريخ المغرب، حيث سيتحول إلى أحد رموز النضال ضد المستعمر. بعد توحيد القبائل أسس جمهورية الريف عام 1921 بدستور وبرلمان على النظام الحديث! لكنّ عُمر هذه الدولة لم يزد على ستّ سنوات. فقد اجتمع الاستعماران الفرنسي والأسباني للإيقاع بمولاي موحمد.
كبدت المقاومة بقيادة الخطابي الاستعمار مبالغ طائلة، وعددًا كبيرًا جدًا من الأرواح والمعدات العسكرية. جردت فرنسا وإسبانيا حملة كبيرة تمثلت في 400 ألف جندي للقضاء على الأمير الخطابي. واستعمل الاستعمار في مواجهته مع جنود الأمير السلاح الكيماوي. سريعًا ما حاول الأمير تجنب الخسائر التي سيجرها على المواطنين العزلّ والنساء والأطفال فقرر تسليم نفسه للاستعمار كأسير حرب، فكان ذلك ونفي إلى جزيرة ريونيون ثمّ إلى فرنسا وفي طريقه مرّ على بور سعيد فطلب اللجوء السياسي فرحب به الملك فاروق. توفي الأمير بمصر عام 1963 ودفن في مقابر شهداء القوات المسلحة.
الأمير عبد القادر الجزائري: رجلٌ جمع ما لا يُجمع!
عام 1838
إذا حاولنا وصف الرجل أو إعطاءه بعض الأوصاف فإنه سيجمع بين شتى الحقول المعرفية والعسكرية والسياسية. بدأَ الرجل مسيرته السياسية وهو في الرابعة والعشرين عندما بويع كأمير وقائد دوله بعد انضواء العديد من القبائل تحت لوائه في الجزائر، فبدأ تكوين جيش نظامي حديث واتخذ عدة خطوات تقشفية للنهوض في الاقتصاد، كان هذا عام 1832.
بدأ الاحتلال الفرنسي يواجه الأمير عبد القادر، فرأت أن تعقد معه اتفاقية وأن تعترف بدولته لكنّ فرنسا عادت وأخلت بالاتفاقية فأعلن الأمير الجهاد وخاض عدة معارك كان على رأس الجيش فيها، واستطاعت القوات الفرنسية دخول عاصمته “المعسكر” وحرقها لكنه استجمع قواه وأحرز عدة انتصارات، فعادت فرنسا لتعقد معه اتفاقية ثم نقضتها من جديد بعد استجماع قواها فشنت هجومًا وحشيًا كان السبب في إنهاء دولة الأمير.
الأمير عبدالقادر أثناء تدخله لحماية الدروز في الأزمة التي قامت أثناء إقامته بدمشق
استسلم الأمير في ديسمبر 1847 للقوات الفرنسية ليتجنب تكبيد المدنيين خسائر لن يتحملوها، ثم سجن لمدة خمس سنوات في فرنسا وعاد بعدها إلى دمشق ليقوم بتدريس الفقه والتصوف. ترك الأمير عدة مؤلفات وديوان شعر، كما قام بنشر الطبعة الأولى الحديثة للفتوحات المكية لشيخ الصوفية الأكبر ابن عربي.
بوصيته دفن إلى جانب ابن عربي، وإذن نستطيع أن نطلق عليه أوصاف سياسي وعسكري وفقيه وشاعر وفيلسوف لاهوتي، كما يعتبره البعض وليًا من أولياء الله.