- الرئيسية
- المركز الاعلامي
صحيفة الجامعة
1.8 مليون مشروع يمني معرّض للإغلاق - صحيفة الجامعة
يعد عام 2015 من أصعب السنوات على قطاع تمويل المشاريع الصغيرة في اليمن، وذلك طوال 17 عاماً الماضية التي مثلت عمر هذا القطاع الفتي. فالأخير شديد التأثر بالعوامل السياسية والأمنية، وكذلك التداعيات الاجتماعية المصاحبة لها. ويشهد الاقتصاد اليمني انهياراً كاملاً أثّر كثيراً على أغلب سكانه الفقراء. وهو اقتصاد صغير الحجم لا تتعدى قيمة الناتج المحلي الإجمالي فيه حوالي 34 مليار دولار فقط، في حين أن دخل الفرد اليمني السنوي أقل من 1300 دولار. ونجم الانهيار عن توقف معظم الاستثمارات، ومغادرة الاستثمارات الأجنبية، وتوقف الإنفاق الحكومي على التنمية الاقتصادية، وحدوث ركود وتضخم حاد في وقت واحد، وإفلاس وإغلاق معظم المحلات التجارية وتعرضها للسلب. إضافة إلى تسريح 60 % من القوة العاملة، وفق الإحصاءات المتوفرة، مع توقف تام لخدمات الكهرباء والمياه والنقل، إضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود بنسبة 600%.
إغلاق المشاريع
ورغم توفر تمويل جيد لهذا القطاع الذي يهتم بشكل حصري بالفئات الفقيرة، خاصة النساء، إلا أن عدداً كبيراً من المحلات والمشاريع الصغيرة، التي مولتها أكثر من 16 مؤسسة للتمويل الأصغر، تعرض للإغلاق والتجميد والسلب والنهب في مناطق العنف التي تعمل فيها. وشجعت هذه الوقائع المقترضين على عدم سداد قروضهم الصغيرة، وبالتالي ارتفاع نسب المتأخرات عليهم إلى مستويات استثنائية.
وقد أكدت دراسة لبحث الطلب في سوق الاستهلاك أنجزته منظمة العمل الدولية، أن اليمن تمتلك أكبر عدد للمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغير في الشرق الأوسط، بلغ 1.8 مليون مشروع، يعود معظمها لفقراء ومحدودي الدخل، ويستفيد من دخلها الأسر اليمنية التي تقدر بحوالي 3.4 ملايين أسرة. وكان مسح حديث لوكالة تنمية المنشآت الصغيرة في اليمن أظهر رغبة 38% من أصحاب تلك المشاريع في نقل استثماراتهم من مناطقهم إلى مناطق أكثر أمناً، بينما كانت النسبة في مدينة تعز، التي تعيش أشرس الاشتباكات منذ سبعة أشهر، 57%، في حين تم إغلاق 80% منها في المدينة.
أصابت الحرب الراهنة المؤسسات العاملة في تمويل المشاريع الصغيرة وأصحاب تلك المشاريع الفقراء. وصرحت نجاح المجاهد، مديرة شبكة اليمن للتمويل الأصغر، لـ"العربي الجديد"، بأن فروع المؤسسات التمويلية لهذه المشاريع الصغيرة قد أغلقت بشكل كامل في مناطق الاشتباكات، مثل تعز وعدن ولحج وأبين. بينما توقفت بعض المؤسسات الرئيسية عن العمل في العاصمة، بسبب استيلاء الحوثيين على مقارها أو انعدام الكهرباء. كما حققت هذه المؤسسات انخفاضاً كبيراً في تحصيل أقساط تمويلات الإقراض، وصل بعضها إلى توقف بنسبة 100%.
وأوضح تقرير حديث للوكالة البريطانية للتنمية أن هذه المؤسسات قامت بإجراءات تقشفية، من أجل استمرار عمل هذه المؤسسات وخدماتها الإقراضية للعملاء، مثل تخفيض رواتب الموظفين، ومنح بعضهم إجازات مفتوحة بدون راتب، وتسريح الجدد منهم، وتخفيض التكاليف التشغيلية.
وتبرز معاناة الصندوق الاجتماعي للتنمية من أزمة التمويل بسبب الحرب، وتوقف التنمية، كأحد أكبر مهددات انهيار مؤسسات التمويل الأصغر، لأنه الممول الرئيسي لها والقائم على تطوير ودعم هذه الصناعة الناشئة في البلاد. ورغم أن تمويل الصندوق لهذا القطاع لا يزال جيداً، إلا أن الصندوق ككل مهدد بالإغلاق بسبب شح تمويل بقية قطاعاته. وكانت هذه النتائج السلبية للعنف والاضطراب على عمل التمويل الأصغر وأنشطة المشاريع الصغيرة تكراراً لنفس الأثر عليها من الأزمة السياسية التي حلت باليمن خلال عام الربيع اليمني. لكن الأثر اليوم أكبر اتساعاً بكثير ويهدد مستقبل هذه الصناعة تماماً، كما أكد الخبير الاقتصادي والمالي، عدنان قطينة. وأعاد قطينة هذا الأمر إلى مدى التأثر العميق الذي أصاب القطاعات المالية والاقتصادية منذ الأسابيع الأولى لبدء الحرب.
حقق التمويل الأصغر في اليمن نتائج ملموسة منذ عام 1997 وحتى 2014 وشهد حالات من المد والجزر خلال هذه الفترة، إذ تمكن القطاع من توزيع ما يزيد عن 445 ألف تمويل، وتوفير والحفاظ على ما يقارب 400 ألف فرصة عمل للفترة ما بين عام 1997 و2014، ورغم كل ذلك فلا يزال القطاع حديث عهد ويواجه تحديات صعبة وتأثيره محدود، مقارنة بالتمويل الأصغر في مصر وتونس والمغرب. إذ لم يتمكن القطاع من تغطية سوى 4% من إجمالي الطلب المتوفر الذي قدر بمليون مشروع، بحسب دراسة مؤسسة التمويل الدولية في عام 2007.