- الرئيسية
- المركز الاعلامي
صحيفة الجامعة
هل يسبب تناول "الباراسيتامول" أثناء الحمل الإصابة بالتوحد؟ - صحيفة الجامعة
أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير الصحة في إدارته روبرت كينيدي الجدل بعد أن ربطا بين أخذ الأم الحامل مسكن الألم تايلينول وهو الاسم الأمريكي الباراسيتامول وزيادة فرص إصابة جنينها بالتوحد.
وأكد ترامب أنه سيتم توجيه تعليمات للأطباء الأمريكيين قريبا بعدم وصف هذا المسكن للحوامل، لافتا إلى وجود صلة يعتبرها البعض مثيرة للجدل بين هذا العلاج ومرض التوحد.
بالمقابل نفت منظمات صحية عالمية وجود أي صلة بين أخذ الأم الحامل الباراسيتامول وإنجابها طفلا مصابا بالتوحد، حيث شددت منظمة الصحة العالمية على أنه لا صلة مؤكدة بين الباراسيتامول والتوحد، وعلى أن اللقاحات لا تسبب هذا الاضطراب، على عكس ما تراه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
كذلك أكدت وكالة الأدوية الأوروبية، أنه لا يوجد دليل جديد يستدعي إجراء تغييرات على التوصيات الحالية بشأن استخدام الباراسيتامول ، المعروف باسم تايلينول في الولايات المتحدة، أثناء فترة الحمل.
رابط ضعيف
ولمعرفة الحقيقة اطلعت "عربي21" على بعض الدراسات التي بحثت في هذا الموضوع، كذلك تحدثت مع خبراء مختصين بصحة المرأة والطفل.
ومن هذه الدراسات دراسة سويدية قام بها فريق بحثي من معهد كارولينسكا (Karolinska Institutet) السويدي، وشملت جميع الأطفال المولودين أحياء من حملٍ منفرد في السويد خلال الفترة من 1 يوليو 1995 إلى 31 ديسمبر 2019.
ووفقا لمقال كتبه الدكتور فيكتور أهلكفيست وهو أحد العلماء القائمين على الدراسة، ونشرته صحيفة إندبندنت البريطانية، قام الباحثون بمراجعة سجلات الصحة الوطنية السويدية، وهي من بين الأكثر شمولًا في العالم، وتابعت الدراسة ما يقرب من 2.5 مليون طفل ولدوا بين عامي 1995 و2019، وتتبعتهم لمدة تصل إلى 26 عامًا.
وقال أهلكفيست في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إنهم استخدموا سجلات الوصفات الطبية والمقابلات التي أجرتها القابلات خلال زيارات ما قبل الولادة، وتمكن الباحثون من تحديد الأمهات اللواتي أبلغن عن استخدامهن للأسيتامينوفين (حوالي 7.5% من حالات الحمل) ومن لم يفعلن.
وتابع، "عندما نظرنا لأول مرة إلى جميع السكان، لاحظنا نمطًا يُحاكي الدراسات السابقة، (الأطفال الذين أفادت أمهاتهم باستخدام الأسيتامينوفين " الباراميستوال" أثناء الحمل كانوا أكثر عرضة بقليل لتشخيص إصابتهم بالتوحد، أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، أو إعاقة ذهنية".
واستدرك بالقول، "لكننا بعد أن أجرينا مقارنات بين الأشقاء، اختفى هذا الارتباط تمامًا، بمعنى آخر، عندما قارنا مجموعات من الأشقاء، حيث تعرض أحدهم في الرحم للأسيتامينوفين والآخر لم يتعرض له، لم يكن هناك فرق في احتمالية تشخيصهم لاحقًا بالتوحد أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أو الإعاقة الذهنية".
رابط وليس علاقة سببية
نظام ماونت سيناي الصحي الأمريكي (يشمل كلية ومستشفى) قال في بيان، "نشر باحثون في كلية طب إيكان في ماونت سيناي، بالتعاون مع باحثين وطنيين، مراجعة منهجية في مجلة BMC للصحة البيئية تتناول استخدام الأسيتامينوفين أثناء الحمل".
ووفقا للبيان الذي وصل "عربي21"، نسخة منه، فقد طبق البحث إطاراً دقيقاً لتقييم بيانات الصحة البيئية، وحلّل 46 دراسة شملت أكثر من 100,000 مشارك حول العالم، ووجدت الدراسة ارتباطاً، وليس علاقة سببية، بين التعرض للأسيتامينوفين قبل الولادة وزيادة خطر الإصابة باضطراب طيف التوحد (ASD) واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) لدى الأطفال".
وأوضح أن المؤلفين يشيرون إلى أن هذه النتائج لا تُثبت أن استخدام الأسيتامينوفين أثناء الحمل يُسبب هذه الحالات، ولكنها تُؤكد على الحاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لتحسين إدارة الألم والحمى أثناء الحمل باستخدام الأدوية الحالية أو المُستقبلية".
وبحسب البيان تستمر الكلية الأمريكية لأطباء التوليد وأمراض النساء (ACOG) وجمعية طب الأم والجنين (SMFM) في التوصية باستخدام الأسيتامينوفين كواحد من أكثر خيارات علاج الألم والحمى أمانًا أثناء الحمل عند استخدامه وفقًا للإرشادات، ويؤكدان على أنه يجب على الحوامل دائمًا مناقشة أي استخدام للأدوية مع أطبائهن.
علاج آمن للحوامل
من جهته قال الدكتور إيهاب أبو مرار اختصاصي النسائية والتوليد، إن "وجود زيادة في حالات التوحد عند الأطفال بعد أخذ بعض الأمهات الحوامل الباراسيتامول ، بحسب بعض الدراسات لم يرتقي من الناحية العلمية لإثبات انه مُسبب، وأن هذه الزيادة لا تستدعي منع استخدامه من قبل الحوامل".
وتابع أبو مرار في حديث خاص لـ"عربي21"، "لذلك من المهم زيادة الأبحاث حول الموضوع لإثبات أن هذا العلاج مسبب للتوحد، حيث لم يثبت ذلك حتى الان".
وأكد أن " الباراسيتامول يبقى آمن للحوامل مع اتخاذ الحيطة واتباع إرشادات الطبيب".
الحمى أخطر من الباراسيتامول على الحامل
الدكتورة هيلين تاغر-فلوسبرغ، أستاذة في قسم العلوم النفسية وعلوم الدماغ، و مديرة مركز التميز في أبحاث التوحّد بجامعة بوسطن، أوضحت أن "مراجعة تحليلية حديثة أظهرت بعض الأدلة على وجود ارتباط ضعيف، لكنها لم تقيّم جودة الدراسات التي استند إليها التحليل".
وأكدت فلوسبرغ خلال حديثها لـ"عربي21"، أن "الأهم من ذلك أن هذه الدراسات لم تعالج حقيقة أن الحمى أثناء الحمل معروفة بأنها تزيد من خطر الإصابة بالتوحّد، ولهذا السبب بالذات تلجأ الأمهات إلى تناول الأسيتامينوفين (الباراسيتامول)، في المقابل، فإن أحدث دراسة صارمة راعت المخاطر العائلية غير المقاسة وجدت أن الأسيتامينوفين لا يسبب التوحّد".
وتابعت، "بالنظر إلى أن استخدام الأسيتامينوفين أثناء الحمل لم يزداد خلال العقدين الماضيين في الوقت الذي ارتفعت فيه معدلات تشخيص التوحّد، فهذا دليل واضح على أنه ليس سببًا لهذه الزيادة، كما أن الكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد تتفق مع هذا الرأي".
وأكدت فلوسبرغ أن "الأمهات اللواتي يتناولن الباراسيتامول أثناء الحمل ليس من المرجّح أن يُنجبن طفلًا مصابًا بالتوحّد بشكل مستقل عن عوامل الخطر الأخرى، وأهمها العوامل الوراثية، عمر الوالدين المتقدم، صحة الأم، والولادة المبكرة".
وحول تأثير امتناع الأم الحامل عن تناول هذا الدواء على الجنين وصحته المستقبلية، قالت، "إذا كانت الأم تعاني من عدوى أو حمى أو ألم شديد، فإن هذه الحالات تشكل خطرًا أكبر على الجنين النامي من تناول الباراسيتامول لتخفيفها".