- الرئيسية
- المركز الاعلامي
صحيفة الجامعة
الدكتور وهيبة فارع: اليمن قدمت تجربة رائدة في مجال حقوق المرأة.. وتشريعاتنا ينقصها التطبيق - صحيفة الجامعة
الإثنين, 12-أكتوبر-2020
حاورتها: نادية صالح
من الناحية النظرية، تتفق تقريباً جميع الأحزاب السياسية اليمنية، بمختلف توجهاتها، حول أهمية مشاركة المرأة في العمل السياسي. لكن حضور "نصف المجتمع" في مواقع صنع القرار داخل الأحزاب وفي مؤسسات الدولة يكاد يكون منعدماً! في ظل الوضع الذي تعيشه البلاد، تعرضت المرأة اليمنية لكثير من الضغوط وفقدان الحقوق التي اكتسبتها خلال مسيرة النضال الذي تقوم به منذ قيام الثورة وإعلان النظام الجمهوري الذي فتح آفاقاً واسعة أمام مختلف شرائح الشعب.
المرأة اليمنية لم تبق حبيسة بيتها مكبلة بقيود وعادات حصرتها وحرمتها من حقوقها الأساسية. فقد سجلت مواقف وطنية لا تُنسى، وشاركت في بناء المجتمع، مناضلة وثائرة، تملك الإصرار والإرادة لتحقيق تطلعاتها التعليمية والعملية والسياسية ومكانتها الاجتماعية والاقتصادية بما يحفظ ويحقق الكرامة والمساواة للجميع.
للحديث بصورة أوسع عن دور المرأة اليمنية وما تحقق لها من مكاسب وكذلك ما تتحمله من مسؤوليات جسام جراء استمرار العدوان والاقتتال في بلادنا، وما نجم عنه من تدهور اقتصادي وكذلك تأثير الحرب على منظومة القيم المجتمعية والتي انعكست سلباً بشكل كبير على المرأة، أجرت صحيفة "الميثاق" لقاءً مع الدكتورة وهيبة فارع - وزيرة حقوق الإنسان الأسبق.
ما أبرز المخاطر التي تواجهها المرأة اليمنية جراء الوضع الراهن؟
لا يخفى على أحد أن المرأة هي من تدفع الفاتورة الأكبر في الحروب جراء الفقد الذي تتعرض له، والمسئوليات الملقاة على عاتقها جراء فقدان المعيل أو انتهاء مصدر الدخل وكذلك النزوح وما ينطوي عليه من مخاطر. برأيك دكتورة، ما أبرز المخاطر التي تواجهها المرأة اليمنية جراء الوضع الراهن؟
- المرأة تعاني الفاتورة الأكبر في هذا العدوان جراء الفقر الذي تتعرض له والمسؤوليات وانتهاء مصدر الدخل والنزوح. المرأة هي العنصر الأضعف في هذا العدوان العبثي الذي يعيشه اليمن. المرأة هي التي تعاني الفقد لأنها فقدت زوجها وابنها وأهلها وأسرتها، وهي التي فقدت بيتها واستقرارها وأمنها. المرأة كانت الحاضنة لهذا المجتمع، فإذا كنا قد أقلقنا هذه الحاضنة وعرضناها لكل هذه المخاطر فماذا ننتظر من مجتمع الحرب؟ إلا مجتمعاً غير آمن، مجتمعاً تعاني فيه النساء لأنهن الأكثر عطاءً والأكثر تضحية في كل الأوقات. المرأة تعاني لأن المسألة لا تتعلق فقط بفقدان المعيل وانتهاء مصدر الدخل والنزوح، ولكن تعاني لأنها ترى أن العدوان قد أصاب هذا المجتمع في مقتل، قبل أمنها واستقرارها وحياتها وهذا كثير لسنوات كثيرة. الأسر والأمهات تبني أجيالاً وتبني أمة وتأتي هذه الحرب لتقضي على كل آمالها وتقضي على كل استقراراها، وتقضي على كل نسائها.
لقد عانت المرأة وتعاني الكثير في ظل انخفاض الخدمات الصحية والتعليمية، وتعاني أيضاً في ظل الشح الاقتصادي الذي أصبحت تعيش عليه، كما تعاني من فقدان العائل الذي اضطر لترك أسرته للالتحاق بالجيش وقوافل الشهداء، وأبنائها الذين تركوا الدراسة وأصبحوا حطباً لهذه الحرب. لماذا؟ هذا هو السؤال هنا! المخاطر التي نعانيها الآن نحن ننتظر أن تترتب عليها الكثير من المآسي الاجتماعية عندما تقف عجلة الحرب، وينظر الناس حولهم ويجدون البيوت خاوية على عروشها إما نزوح وإما فقدان آباء أو فقدان أمهات لأن الضرب الذي تعرضت له المنازل والقصف الذي تعرض له اليمن لم يستثن بيتاً ولا طريقاً، ترك البلاد يباباً خراباً ولا ندري لماذا كل هذا الحقد ضد اليمن كبلد وشعب وحضارة وتاريخ واليمن كسلام وإنسانية. نعم هناك مخاطر وهناك صعاب تواجهها المرأة يترتب عليها أن تعيد بناء كل شيء من أول وجديد، عندما تبدأ بإعادة هذا البناء سيتطلب منها وقتاً وصبراً وجهداً ومالاً ونحن لا نعلم إلى أين تجرنا هذه الحرب وفساد أمراء الحرب فيها.
ما أبرز المعوقات التي تعترض المسيرة العلمية والثقافية والسياسية للمرأة اليمنية؟
- كثيرة لأن المرأة اليمنية كانت قد استطاعت أن تنال بفضل التوجه الديمقراطي في اليمن - ديمقراطية ناشئة - بعض الحقوق وأن تصل إلى المناصب السياسية العليا وأن تحقق وجودها وكيانها في الاستقلال الاقتصادي وفي العمل في أعلى المؤسسات التعليمية والقانونية والاجتماعية. حققت الكثير وكان أهمها أن ترتفع نسبة المتعلمات والخريجات والتعليم الجامعي بالنسبة للإناث، وأصبحت المرأة فعلاً سنداً للرجل وعنصراً من عناصر التنمية التي لا يستهان بها، وأن لا ينظر لها كما كان ينظر لها في الماضي بأنها عضو غير فاعل، ولكنها أثبتت أنها عضو مؤثر في كل مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية. كل ذلك بفضل الثورة والجمهورية ولولاها لما تحقق للنساء ما تحقق. نحن عشنا هذه الفترات والتحقنا بالمدارس من بداية الثورة واستطعنا أن نحصل على حقوقنا التعليمية كاملة وفرصنا وأن نصل إلى أعلى درجات التعليم وأن نقوم بأدوارنا واستطعنا أيضاً أن نحقق الشيء الأهم وهو أن نبذر في المجتمع بذوراً جديدة ورائدات جدداً استطعن أن يحقن هذا التوالي الهندسي في وجود النساء الرائدات اليمنيات اللواتي كن في هذه الحرب، حقيقة أكثر العناصر الاجتماعية تأثراً وفي نفس الوقت كانت أقوى العناصر الإنسانية تماسكاً في المجتمع. ونسأل الله أن يستمر هذا التماسك وأن تستمر المرأة في أدائها وقدراتها وأن يتحقق لها ما استطاعت أن تحققه وأن تحافظ عليه وأن تأتي أيضاً بالأفضل.
ما دلالات إطلالة الذكرى الـ58 لثورة 26 سبتمبر وأكتوبر في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد وما الذي يتطلب من مختلف الفعاليات عمله لتجديد انتصارها لقيم ومُثل الثورة؟
- أعتقد أن الثورة هي ما رأيناه ولمسناه وحققناه من مدارس وجامعات وطرق ومستشفيات. الثورة التي انطلقت لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون مجرد كلام ولمدة خمسين عاماً. خمسون عاماً كانت الثورة بناء ونماء، ولاشك كان لها أخطاء كأي ثورة ومثلها مثل أي تجربة في العالم تمر بها الأمم، ولكن يكفينا فخراً أنها كانت ثورة ضد الظلم وضد الفقر وضد الجهل، واستطاعت أن تخلق قيماً جديدة وأن توجد أدبيات جديدة. نحن نعتبر أنفسنا من جيل الثورة الذين تعلمنا من آبائنا معنى الحرمان الذي عاشوه، ووجدنا أننا ننمو مع الثورة ونتحرك مع الثورة ونكون فاعلين مع الثورة ومع التنمية. نحن نتاج هذه الثورة سواءً كنا ذكوراً أو إناثاً، فتياناً أو فتيات، كانت الثورة موجهة لنا حتى نستطيع أن ننهض وأن نصبح أمة لها شأنها بين دول العالم.
الثورة كانت للجميع، والمرأة كانت من الفئات التي استفادت من قيام الثورة. استفادت من مجال المدارس والصحة والممارسة السياسية والديمقراطية. لا يمكن أن نتحدث عن الثورة دون أن نتحدث عن الآثار التي تركتها على المجتمع والناس جميعاً يتوقون للسلام والخير والتنمية والمساواة والعدل والخروج من نفق الظلمات التي كان آباؤنا يعانون منها. هذه هي الثورة تغيير فعلي ومستمر نحن أدواته سواءً كنا رجالاً أو نساءً.
تناضل المرأة للخروج من دائرة حصرتها بعض الأحزاب فيها وهي عضو وصوت انتخابي فقط، ما رسالتك لتلك الأحزاب والجماعات؟
- نحن منذ فترة طويلة ننادي بخروج المرأة من دائرة أن تنتخب ولا تُنتخب، أن تشارك في الأحزاب كشاقة ولكن لا يحق لها أن تكون قائدة في الأحزاب. السبب يعود إلى أن الأحزاب اليمنية في مجتمعنا شاخت وتقدم بها السن. لم نجد حزباً في اليمن أجرى انتخابات ديمقراطية حقيقية وقام بتغيير قياداته. لو كان فعل لربما وصلت المرأة اليمنية إلى مراتب القيادة الحزبية في المجتمع اليمني. لكن وجدنا كثيراً من الأحزاب تتخذ من شعار التقدمية وشعار التغيير كمظلة فقط، ولكن الممارسات لا تمت لهذا الواقع بصلة. أنا أرجو أن تقوم الأحزاب بغربلة وتقييم نفسها بإعادة انتخاب ذواتها لأن بعض هذه الأحزاب لديها قيادات عمرها من 30 -40 سنة ويتحدثون بأن النظام السياسي لا يتغير وأن النظام السياسي طال عمره، طيب لماذا لا نبدأ نحن بتغيير وتحديث وتقييم أوضاعنا الحزبية وأن تكون مساهماتنا حقيقية وأن لا يكون الحزب أداة لابتزاز السلطة؟ ينبغي أن يكون الحزب معارضاً ومنتقداً للسياسات ويعمل على إحداث تغييرات حقيقية وجوهرية في مستويات العدالة والديمقراطية والحقوق والحريات وما يتعلق بالأشخاص وما يتعلق بالمجتمع وبالناس من تطورات ومن آمال وأهداف أن يحقق شيئاً. لكن أن يكون الحزب آلة من آلات الابتزاز السياسي لتحقيق مكاسب، فهذه ليست أحزاب ولا أعتقد أن المرأة من خلالها تستطيع أن تحقق شيئاً. ما لم تستطع هذه الأحزاب أن تغير نفسها فلن يتغير في الواقع السياسي شيء، وستظل الأحزاب كما هي لا تقوم بدورها وليست رديفاً للسلطة وليست معارضاً للسلطة وإنما هي فقط مجرد آلة من آلات الابتزاز السياسي لتحقيق مكاسب شخصية وتنتهي عند هذا الحد.
نظرة المجتمع لا تزال قاصرة نوعاً ما تجاه دور المرأة، يا تُرى ما الممكن عمله لتصويب تلك النظرة؟
- أعتقد أن الحرب هي التي هزت المجتمع هزة كبيرة وهزة زلزالية وأحدثت شروخاً وتراجعاً في المجتمع والقيم، وتراجعاً في المنجزات التي حققتها المرأة. أهمها على سبيل المثال الأوضاع القانونية للمرأة بحيث أن هناك تجاوزات أصبحت منتشرة مثل العنف ضد النساء، العنف ضد الطفولة بشكل عام، التهرب من الأحكام القضائية من بعض من يقومون بهذا التعنت والإجرام واغتصاب مواريث النساء والاعتداء عليهن والقتل. في كثير من المشاكل الآن لو قمنا بحصرها لوجدنا أن التأثير الزلزالي للحرب كان على الأسرة اليمنية كان على القيم وهذه كانت أخطر ما في الموضوع. المرأة التي كان ينظر إليها باحترام وتقدير كبير أصبحت مثلها مثل أي شيء آخر داخل البلد يتعرض للضغط والاعتداء دون أن تتحقق لدى المجتمع خاصية المنع والعيب التي كانت موجودة وكانت توقف الكثير من الجرائم وكان المجتمع هو من يحمي المرأة والقيم ويحمي الطفولة. ولكن للأسف الشديد في حالة الحرب هذه لا نستطيع أن نتحدث عن كثير من الأمور القيمية التي بدأنا نشعر بأننا نفقدها بسبب غياب الأبعاد القانونية والأبعاد الاجتماعية التي تمنع قيام مثل هذه التجاوزات ضد المرأة. وبالتالي لا يوجد ما نسميه تصويب نظرة تجاه المرأة. لابد أن نعمل على تجاوز هذا الانفجار العنيف في المجتمع، هذا الزلزال الذي حدث داخل المجتمع هذا الاعتداء الذي يجري على المجتمع اليمني وتاريخه وحضارته وقيمه وإنسانيته. كثير من الأمور لا يعترف بوجودها الشارع اليمني والقيم اليمنية، فحماية المرأة هي جزء من قيم المجتمع التي لا يمكن أن يتخلى عنها. لكن ما يحصل الآن هو أن الكل منشغل بالحرب، حتى أن غياب القضاء والإجراءات القانونية المتعلقة بالحماية غير متوافرة بالشكل الكافي وهذا بلا شك أثر على وضع المرأة ونرجو أن لا يطول هذا الوضع كثيراً، لأنه سيؤثر على حياة المرأة اليمنية بشكل كبير مستقبلاً وهذا ما لا نرضاه.
إلى أي مدى استفادت بلادنا من التجارب الخارجية الناجحة الهادفة إلى تعزيز دور المرأة.. وما المطلوب من أجل بلوغ استفادة أفضل؟
- نحن نظلم المجتمع اليمني كثيراً لأن الاستفادة التي حصلت، حصلت بتبادل الخبرات بين بلادنا والبلدان المتقدمة خصوصاً في الدول العربية التي سبقتنا تعليمياً أو في تنظيم تشريعاتها فيما يخص حماية المرأة وحقوقها ومشاركتها السياسية ومشاركتها الاجتماعية ودورها في المجالين التعليمي والصحي وهما أكثر مجالين خاضتهما المرأة بشكل عام في الدول العربية وليس في اليمن فقط. اليمن قدمت تجربة لم تكن تستفيد فقط من التجارب، اليمن قدمت تجربة للعالم العربي. فاليمن كان فيها الكثير من الوظائف التي كانت محتكرة من الرجال، كانت المرأة اليمنية قد وصلت إليها. كان لدينا في بداية الأمر في مطلع الستينات محاميات في المناطق الجنوبية وقاضيات وبعد الوحدة، استطاعت المرأة الوصول إلى القضاء، وأن تكون قائدة للطائرة وأن تكون مشاركة في مؤسسات الدولة الدفاعية المختلفة في مجال الطيران الحربي وفي مجالات أخرى خصوصاً في المناطق الجنوبية. كما استطاعت المرأة اليمنية أن تصل لمجلس الشورى والبرلمان وأن تحقق الوصول كأول وزيرة في المجتمع اليمني وأول رئيسة جامعة، وأول عميد، وقدمت نموذجاً رائعاً تم عرضه واستفادت منه الكثير من الدول العربية خصوصاً منطقة الخليج. اليمن كان فيها أوائل النساء من القضاة وقبطانات الطائرات ومن أساتذة الجامعات ومن عميدات الكليات واستطاعت أن تدخل في عمق المجتمع وأن تقدم القدوة. ليس كل ما أخذناه من المجتمعات العربية استفدنا منه، ولكن نحن أفدنا المجتمعات العربية بتاريخنا وخبراتنا وبنضالنا كنساء حققن الكثير في هذه المنطقة من الجزيرة العربية التي كانت فيها اليمنية قائدة ومناضلة وصوت الحق ضد الاستعمار وضد التدخل وضد الجهل وضد التخلف والمرض، والكثير من الأمور من تاريخ الثورة والجمهورية. استطاعت المرأة اليمنية أن تقدم نماذج للعالم العربي وأن لا تكون متلقية فقط وإنما كانت مفيدة لهذه المجتمعات، وكانت اليمن هي الدولة الثانية في الجزيرة العربية التي كانت فيها أول سفيرة وأول وزيرة وسبقت بذلك دول الخليج.
ولدينا تاريخنا الخاص مثل الملكة بلقيس والسيدة أروى بنت أحمد الصليحي. فالمجتمع اليمني مجتمع متميز له تاريخ عريق، المرأة فيه تعتبر مثالاً طيباً وراقياً ليس فقط في المحيط العربي، بل استطاعت المرأة اليمنية أن تكون عنواناً لليمن ولا يذكر العالم بلادنا إلا بها.
سمعنا أكثر من مرة أن المبعوث الأممي التقى مع مجموعات نسائية لبلورة رؤية للحل وإحلال السلام في اليمن.. ما الدور الذي تستطيع المرأة تقديمه لأجل عملية بناء السلام في اليمن؟
- نحن لا نعول كثيراً على لقاء غريفيث ببعض النساء اليمنيات من أجل إحلال السلام. في تصوري ورأيي الشخصي، أن هذه اللقاءات عبارة عن لقاءات دعائية لا أقل ولا أكثر، لا تغني ولا تسمن من جوع وليس لها أي دور أو فاعلية. ثانياً معروف أن الأمم المتحدة لم تستطع أن تقدم حلولاً في اليمن وبالتالي فاقد الشيء لا يعطيه. اللقاءات بالمرأة اليمنية وبالمنظمات اليمنية بشكل عام بعضها لاستخلاص المعلومات التي تقدم للعالم المعاناة التي يعانيها اليمنيون في هذه الظروف وهذا شيء طيب، لكن لا يوجد من يستطيع أن يضع الحلول لليمنيين واليمنيات فيما ينبغي أن يكون في بلدهم. الحل يمني واليمنيون هم القادرون على أن يأتوا بالحل اليمني وليس عن طريق أي جهات أخرى وخصوصاً إن كانت هذه الجهات ليست صادقة تمام الصدق في عملها مع المجتمع اليمني خلال هذه الحرب.
لدينا معاناة كبيرة مع برامج الأمم المتحدة كاملة في اليمن فيما يتعلق بالمعونات والإغاثة والمساعدات والدعم الخارج وكثيرها لا توحي بالارتياح ولا توحي بالاقتناع بما يتم. اعتقادي أن الحلول ستكون يمنية في النهاية ودور المرأة لا يقل أبداً عن دور الرجل في إحلال السلام ودعم مشروع السلام القائم على العدل والحقوق والسيادة ومراعاة الوطن وإعادة إعماره، ليس عن طريق الصندوق السعودي للإعمار. موضوع إعادة الإعمار موضوع آخر، فأن تتولى السعودية تعمير اليمن بعد أن خربته أمر لا يمكن قبوله، خصوصاً وأن صندوقها "الصندوق السعودي للإعمار" يتلقى الأموال من كل العالم من أجل اليمن ولا يتم وضع أي مال سعودي فيه من أجل ذلك. فما تقوم به السعودية من طلاء بعض المدارس وتوزيع بعض قطم الإعانة لا يمثل إعماراً ولا دعماً وإنما انتقاص ونقص لدور الأمم المتحدة في اليمن التي لم تقم بحماية المدنيين كما ينبغي ولم تقم بأخذ حقوق المدنيين من غاصبيها كما يتوجب. فأنا لست متفائلة حقيقة بهذا الدور، وما كنت أرغب في الإجابة والتطرق لدور الأمم المتحدة، إلا أن السؤال استثارني. الحقيقة أنه لا يوجد في لقاءات المبعوث الأممي غير الدعاية والاستعراض وتقديم المبعوث الأممي كشخص يقوم بوضع الحلول عن طريق النساء والمنظمات. هذا كله ليس له في الواقع أي شيء وليس له أي أساس، ولا نجده وليس هناك ما يمكن أن نلمسه من عمل الأمم المتحدة بالطريقة الاستعلائية التي تتعامل بها في بلد تقتله الحرب من كل اتجاه ويتآكل اقتصاده ويُهدم تاريخه وتُنهب ثقافته، والأمم المتحدة ومندوب الأمين العام للأمم المتحدة يتفرج.
هناك تشريعات تهضم المرأة ولا تعطيها حقوقها كاملة.. ما مدى الحاجة إلى إجراء مراجعة لهذه التشريعات؟
- سؤال جميل.. الحقيقة أنا لم أرَ في تشريعاتنا اليمنية ما يهضم حق المرأة. وجدنا تشريعات راقية ووجدنا ممارسات لا تمت بصلة لهذه التشريعات. هناك فجوة بين التشريعات والتطبيق فيما يخص حقوق المرأة بشكل عام. عندما نسأل عن سبب هذا التفاوت بين التشريع والتطبيق نسمع بأن هذا يعود للعادات والتقاليد والمجتمع لا يسمح. فمثلاً ما يخص حقها في الإرث التشريع منحها حقها كاملاً ولكن ما الذي يجري عندما يمنع بعض الأشخاص أو بعض الأسر وصول هذا الحق لأخواتهم وبناتهم تحت ذريعة أنها (ستورثه لشخص آخر) أليس هذا تلاعباً على التشريع وقِسْ على هذا الكثير من الأمور. أمها يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية هي موجودة ولابد من النضال الكبير حتى تتحقق فعلاً العدالة الاجتماعية والمساواة في المجتمع فيما يخص الحقوق والواجبات بين النساء والرجال. هذا شيء لا أعتقد أنه يتعارض مع الشريعة الإسلامية ولا يتعارض مع مبادئنا ومفاهيمنا الدينية لأنها تأتي من صلب دين الحق والعدل والمساواة الدين الإسلامي.
أما المنظمات والإطارات المدنية المعنية بالمرأة فهذا حديث يطول عنها. نحن في المجتمع اليمني بدأنا بجمعيات المرأة منذ السبعينيات وحتى منتصف الثمانينيات عندما نشأ اتحاد نساء اليمن، وبعدها اللجنة الوطنية للمرأة وبعدها عدد من المنظمات النسوية التي تُعنى بالمرأة وتطويرها وإشراكها في المجال السياسي وتمكينها من حقوقها وأدوارها الاجتماعية التي تمنع منها مثل المشاركات السياسية في إطارات الدولة المختلفة. دورها كان كبيراً وعظيماً وما زالت بعضها تحمل هذه الرسالة وإن كانت عاجزة عن تحقيق أي شيء في ظل الأوضاع والآثار المترتبة على الحرب التي نعيشها ويعيشها المجتمع اليمني. حرب ظالمة أتت على كثير من مؤسساته ومنظماته وآلياته المدنية وأدواته التي يسعى من خلالها لتطوير المجتمع. ليس هناك أكثر من القول بأن المطلوب هو أولاً تحقيق السلام. فأنا لا أتصور أن مجتمعاً يعيش في حرب سوف يكون قادراً على تحقيق أي شيء للمرأة أو للأطفال أو للرجال أو للمجتمع بشكل عام. نحن بلد يتعرض للاعتداء اليومي والحرب الظالمة التي تأتي على الأخضر واليابس، تأتي على كل شيء حسن وجميل في هذا البلد. فماذا ننتظر؟!! التقييم لمنظمات العمل الاجتماعي في مجالات المرأة، فهي تعيش مثلها مثل كل المنظمات المدنية تحت الحرب وتحت الحصار وتحت القصف. وبالتالي نتوقع أن أدوارها تقتصر على تخفيف أوجاع وآلام النساء وفي محاولة إيجاد البدائل الاقتصادية الممكنة من أجل رفع مستوى المعيشة لدى المرأة وفي الدفاع عن حقوقها. هذه هي الأدوار التي يمكن أن تقوم بها منظمات النساء وهذا لا يغني أبداً عن المنظمات الحقوقية ومؤسسات الدولة في حماية المرأة وأطفالها وأن تقوم بأدوارها وفقاً للقانون والدستور والمواثيق التي وقعت عليها اليمن.
كلمة أخيرة توجهينها للنساء في عموم محافظات الجمهورية؟
- كلمتي الأخيرة ليست موجهة فقط للنساء، لكنها لكل المجتمع بضرورة التمسك بالوحدة الوطنية وأهداف سبتمبر وأكتوبر والميثاق الوطني وبكل ما يقربنا من بعض كأحزاب وأفراد وجماعات وفئات فهو الأساس لنكوّن دولة المواطنة الحرة الكريمة المتساوية ودولة المجتمع الديمقراطي العادل إن شاء الله. وأقول "الصبر مفتاح الفرج" ونرجو إن شاء الله أن تلوح في الأفق بعض المبادرات التي ربما تكون مدخلاً للسلام في اليمن وأن نكون عند مستوى المسؤولية الوطنية. ونرجو من اليمنيين واليمنيات أن ينظروا لهذه التجربة القاسية كتجربة فُرضت عليهم لكي يقوموا بمزيد من الإخاء والتعاون والإحساس ببعضهم البعض. بالإضافة إلى إن التلاحم الوطني أمر مطلوب والصدق والصبر والتضحية أيضاً مطلوبة. ونتمنى أن تكون نهاية هذه الحرب العبثية سلاماً دائماً لليمن، وحرية لكل اليمنيين وأن تكون بداية عهد يبشر بالخير والسلام لليمن وأن تتعلم منها الأحزاب والمنظمات والأشخاص بأن الإخاء الوطني والغيرة على الوطن هي أساس تواجدنا بين الأمم وأساس كياننا وأساس تقدمنا وأساس تنميتنا. ونرجو أيضاً أن لا نهمل التعليم وأن لا نهمل الحفاظ على ثقافتنا. ونعلم أن المعاناة التي يكابدها الجميع ونحن منهم بسبب انقطاع الرواتب ونقص الخدمات هي معاناة لا تخص فرداً وإنما تخص الجميع. ونرجو من كل مسؤول وفرد يحب اليمن أن يقدم هذه المواضيع المتعلقة بدخل الناس واقتصادهم وتحقيق الدخل لهم لأنها الأساس للصمود والبقاء والأساس في منع العديد من الجرائم المجتمعية التي تُرتكب باسم الفقر.
شكراً لكم لإعطائي هذه الفرصة وكل سبتمبر وأكتوبر واليمن طولاً وعرضاً شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً بألف خير وعافية وسلام.