- الرئيسية
- المركز الاعلامي
صحيفة الجامعة
انفصاليو اليمن والإعلام: الإخفاء ومساومات البقاء - صحيفة الجامعة
يوم قرر المخرج اليمني رأفت رشاد باقي الاستفسار لدى قوات انفصالية عن سبب اقتحامهم إذاعة صغيرة يديرها في مدينة عدن الساحلية، اختفى أثره. في اليوم السابق لاختفائه، اقتحمت قوات "الحزام الأمني" التابعة للمجلس الانتقالي والمعنية بشكل رئيسي بفرض القوة القهرية في العاصمة المؤقتة للبلاد مكتب إذاعة "بندر عدن" بحثاً عن باقي، بعد سلسلة تهديدات تلقاها كان مصدرها قادة في المجلس.
اختفاء باقي جاء بعد مضايقات وتهديدات بإغلاق محطته الإذاعية ومكتب إعلامي يديره، في حال رفضه بث أخبار فعاليات المجلس، العسكرية والسياسية. استجاب لتلك الضغوط فترة من الزمن قبل أن يتوقف بعدما خسر علاقته بالتجار الذين رفضوا بث إعلاناتهم في إذاعة تخصص جزءاً من ساعاتها لخدمة فعاليات المجلس الانتقالي السياسية.
يوم التاسع والعشرين من سبتمبر/ أيلول الماضي، توجّه باقي إلى مقر القوات في مديرية المنصورة، لكنه تعرض للاحتجاز قبل أن يُنقل إلى جهة مجهولة، وتغيب أخباره عن عائلته وزملائه.
تقول أسرته لـ"العربي الجديد" إنها لا تملك أي معلومات عن موقع احتجازه، ولم يُسمح لها بالتواصل معه، بالرغم من تقديمها بلاغات للأجهزة الأمنية للمطالبة بالكشف عن مصير ابنها.
انطلق بث الإذاعة التجريبي في الثاني من فبراير/ شباط 2018، لكنها لم تسلم من الاعتداءات منذ نشأتها، إذ تعرض برج الإذاعة للاستهداف بقذيفة "آر بي جي" من قبل "مجهولين" في السابع والعشرين من الشهر ذاته. يدير باقي أيضاً إذاعة "عدنية" المتخصصة ببث أغانٍ أجنبية، ومؤسسة الجيل للإنتاج الفني، والأخيرة أغلقت على خلفية تهديدات تلقاها إثر إنتاجه لبرامج وتقديمه لخدمات إنتاجية لمحطات تلفزيونية يمنية خارج البلاد.
المتحكم بإعلام الانتقالي
قال مصدر مقرب من باقي إن ما يتعرض له محاولة قهرية لإجباره على العمل لمصلحة المجلس، خصوصاً أن للشاب نشاطاً إعلامياً واسعاً وعلاقات وثيقة في الوسط الصحافي، تمكن من خلالها من تأسيس مكتب يغذّي القنوات الفضائية بالأخبار والمقاطع.
في المقابل، برز اسم مختار اليافعي، بشكل غير مسبوق، كواجهة تُشرف على الإعلام التابع للمجلس الانتقالي، رغم حداثة حضوره في هذا المجال، إذ يعد المتحكم الفعلي بالقطاع. وعزّز هذه الحقائق تعيينه نائباً للهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي ورئيس قطاع التلفزيون والإذاعة للمجلس، وهو قبل ذلك كان يدير موقع "عدن 24".
للمجلس محطة تلفزيونية هي "قناة عدن المستقلة"، كما يمتلك إذاعة "هنا عدن" التي أُسست بدعم إماراتي وعشرات المواقع الإخبارية، وشبكة تدير حملات على مواقع التواصل الاجتماعي. كذلك يفرض سيطرته على مباني الإعلام الحكومي، بيد أنه عطّل نشاطها كما حدث لصحيفة "14 أكتوبر" العريقة ووكالة "سبأ" الرسمية.
وفتحت السيطرة المسلحة للانفصاليين على العاصمة المؤقتة عدن، في أغسطس/ آب من عام 2019، الشهية للاستحواذ على وسائل الإعلام، وهو النشاط الذي قاده اليافعي بعد ما كرس نشاطه في مضايقة الصحافيين المعارضين ومالكي المكاتب الإعلامية في المدينة.
وأبلغ المصدر "العربي الجديد" أن مختار اليافعي يقود مساومات لإجبار باقي على بيع مؤسسته الإذاعية أو العمل لمصلحة الانتقالي في مسعى لتكريس كافة المنصات الإعلامية في عدن لخدمة خطاب المجلس الانفصالي، رغم أن النطاق التحريري للإذاعة لا يتعدّى البرامج الترفيهية والغنائية والتجارية.
انتهاكات "الانتقالي"
تصاعدت حدة الانتهاكات بحق الصحافيين والمؤسسات الإعلامية في العاصمة المؤقتة عدن، بعد سيطرة المجلس الانتقالي على مؤسسات إعلامية حكومية وخاصة وتعرض بعضها للتدمير والإحراق مثلما حدث لمطبعة صحيفة "أخبار اليوم" الخاصة. واستولت المجاميع المسلحة التابعة للمجلس على مقار وكالة "سبأ" الرسمية وصحيفتي "الثورة" و"14 أكتوبر" الحكوميتين، ومبنى وزارة الإعلام ومقر نقابة الصحافيين اليمنيين في مدينة عدن. ورغم التنديد الدولي والمحلي بعمليات الاستيلاء المستمرة على وسائل الإعلام، واصل الانتقالي اعتداءاته على الصحافيين واختطافهم من الحواجز الأمنية وتعرض عدد منهم للتعذيب وخضعوا لجلسات تحقيق قاسية.
وخلال الأشهر الأولى من سيطرة الانتقالي على عدن سجّلت نقابة الصحافيين اليمنيين نحو عشرة انتهاكات ارتكبها مسلحو المجلس، فضلاً عن رصدها اعتداءات في فترة لاحقة. وفقد عشرات الصحافيين أعمالهم جراء توقف نشاط المؤسسات الإعلامية الرسمية. وقالت النقابة في وقت سابق إن أكثر من 150 موظفاً يعملون لدى وكالة "سبأ"، من بينهم 70 صحافياً، فقدوا عملهم. وطالبت النقابة في بيان لها بإطلاق سراح المخرج رأفت رشاد باقي، والصحافي الرياضي عمار الذي اعتقلته قوات أمنية بعد مداهمة منزله في منطقة كريتر بعدن، معربة عن إدانتها للواقعتين ومطالبة بمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، ورفع الإجراءات القمعية المفروضة على الإذاعتين والسماح لهما باستئناف العمل مجدداً.
وانتقد الصحافي آدم الحسامي ما اعتبرها حملة تضامن ضعيفة ومخيبة للآمال مع باقي، مشيراً إلى أنها لا تشكّل الضغط المطلوب ضد سجانيه "الجبناء". وقال في منشور على "فيسبوك": "ليس خوفاً من الانتقالي الذي يرهب خصومه بمختلف الطرق وأبرزها حملات التخوين والتهم الجاهزة... ليس ذلك فالحملة ضعيفة حتى من اليمنيين في الخارج ومن المناطق البعيدة عن سلطة الانتقالي". وتابع: "وليس موقفاً سياسياً ضد رأفت رشاد فإذاعاته مجتمعية وفنية وبعيدة عن السياسة. السبب واضح، لأنه ليس محسوباً على حزب أو جماعة سياسية أو مناطقية مجنونة مدججة بالسلاح".