- الرئيسية
- المركز الاعلامي
صحيفة الجامعة
طبيب يمني يكتب عن دوواين القات والتابوت اليمني - صحيفة الجامعة
دواوين القات في اليمن هي التوابيت، هي الجنازات، وهي الرثاء. المرأة الحريصة على حياة زوجها، لأجل أطفالها على الأقل، عليها أن تحول دون أن يصبح بيتها تابوتا.
هذا هو شكل التابوت:
غداء تشكل "الخضرة/الفاكهة" أقل من 3% من وزنه.
يعتمد على النشويات المعقدة، كالرز والخبز الأبيض
مشروبات مليئة بالسكر. ثم طبق حلو هو خليط من الزيت والسكر والدقيق الابيض.
ينتقل الرجل بعد ذلك إلى المقيل: ساعات طويلة من اللاحركة. من يجلس أكثر يموت أبدر، تقول البيانات. صممت الشرايين لتحمل حركة تصل إلى 40 كم في اليوم. يتحرك الرجل منا أقل من كم/ يوميا، تضمر كل قدراته. تخيلوا ما الذي يجري للذراع إذا وضع في الجبس فترة طويلة. كذلك الجهاز القلبي الشرياني.
جلس أمامي سياسي يمني يتحدث بغرور وشجاعة، طلب كوبا من الخمر الأحمر وواصل التدخين واحدة وراء الأخرى. حدث هذا قبل وقت قصير في مدينة أوروبية. مازحني قائلا: لم أنتبه أني أفعل هذا أمام طبيب قلب. قلت له: أما أنا فقد أخذتني شجاعتك. من يفعل مثل هذا هو رجل بالغ الشجاعة بالنظر إلى المآلات التي نعرفها كلانا. لا يتعلق الأمر بجرعات بسيطة من الخمر، بل بالنظام كله، بالمقدار والمرافقات السامة كالتدخين.
في الديوان يعرض الرجل نفسه، من خلال القات، لجرعة مستدامة من هرمونات الضغط والقلق، يقع الجسم كليا في حالة غير فسيولوجية لا تلبث أن تتجلى في ملامحه من خلال الشيخوخة المبكرة، انخفاض معدل الحياة، وتمظهرات مرضية مبكرة ومفاجئة.
مع القات تستهلك كمية كبيرة من المشروبات المليئة بالسكر، وفي الأعلى سحابة مستدامة من الدخان، يستنشقها المدخن ونقيضه.
هذه المنصة هي التجسيد الأكثر براعة للانتحار طويل المدى.
في الأيام الماضية مات أناس نعرفهم، كانت أمامهم فرصة لحياة طويلة: أطباء، مثقفون، أكاديميون، شعراء، عاديون، ثوار، فلول، قبليون... إلخ. تقريبا بالطريقة نفسها، من خلال الآلة نفسها، وفي السرداب نفسه.
أنا على اتصال دائم، من خلال المهنة، بكثيرين على كل الطبقات. يتفشى مرض السكر بشكل مجنون، وبنسبة ملحوظة في الثلاثينات من العمر. إذا كنت تستهلك علبة بيبسي في اليوم فذلك سيعني أن استهلاكك للسكر في عام واحد تجاوز استهلاك جدك خلال عشرين عام. ما يعني أن حياتك ستقل كثيرا عن العمر الذي بلغه جدك.
كان السكر، أول القرن الماضي، يباع في صيدليات انجلترا. وقعنا في لعنة مركبة: قلة الحركة، السكر، القلق، والتدخين. المجتمعات الفقيرة بمقدورها الوصول إلى السكر والكربوهيدرات المعقدة/ المكررة، حياتها رخوة ورخيصة.
في سنغافوره يقاتل بطل الكونفو الأعداء الثلاثة: السكر، الزيت، الملح. كرست السلطات في إعلاناتها صورة ذلك البطل، وجعلته على الدوام يهزم الأشرار الثلاثة. وقالت دراسة كبيرة نشرت قبل عامين إن الصين انتقلت من قائمة الدول الأكثر صحة قبل ثلثي قرن إلى مقدمة الدول الموبوءة بأمراض القلب والسكر. تبادلت الأماكن مع اليابان، وكان العنصر الحاسم: دخول الملح كعنصر رئيسي في كل المستهلكات الصينية، وخروجه في اليابان. الملح أيضا قاتل شرس، وهو أحد العناصر المهيمنة في مائدة الطعام اليمني، وفي كل وجبة سريعة أو طعام جاهز.
لا أتحدث هنا كعارف، ولا كإله. إذا فشل القائد في المعركة فعليه أن ينقذ الجنود. في هذه الحالة: إذا انهارت سرديتك المركزية فلتنقذ حياتك لمصلحة "أولادك". أصدقاؤنا من ذوي الشفاه السوداء، والخدود المجعدة، والأمزجة العنيفة .. يدخلون في ذلك الممر المعتم، وسيختفون واحدا تلو الآخر.
لماذا لا تجرب هذا:
تخرج من الدوامة.
أردت أن أكتب برتوكولا علميا، ثم رأيت من الأفضل اختصاره: الخروج من الدوامة. بالأمس نشرت صورة لي على مائدة طعام هندي. الحقيقة أني كنت سعيدا بالصورة لسبب غريب بعض الشيء. فأنا لم أتناول وجبة دجاج مع الرز، على مشروب مسكر، بلا أي واقيات خضراء .. منذ زمن طويل. كنت سعيدا بذلك الانتهاك. لست مثالا لأي شيء، ولا أدعي المعرفة والحكمة. فقط أرثي الذين أعرفهم، أرثي موتهم الذي توقعته ما إن مالت شفاههم للزرقة أو السواد.